ق2) تحريم الاستقبال والاستدبار مطلقاً في الفضاء والبنيان، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم-رحمهما الله-واستدلوا بحديث أبي أيوب? وحديث سلمان?،ولأنه عام في الفضاء والبنيان، وأجابوا عن حديث ابن عمر?:بأنه منسوخ، وقالوا: لو قُدِّر عدم النسخ، فإنه فعل، والقاعدة: (أنه إذا تعارض الفعل والقول، فإن القول مقدّم؛ لأن الفعل تحتمله الخصوصية)،ولو قُدِّر التعارض فإن حديث سلمان وأبي أيوب-رضي الله عنهما-فيه نهي، وحديث ابن عمر?فيه الإباحة والجواز، والنهي مقدم على غيره؛ لأنه ناقل عن الأصل، والفعل تحتمله الخصوصية، ويحتمل النسيان ويحتمل العذر.
ق3) جواز الاستقبال والاستدبار مطلقاً في الفضاء والبنيان، لحديث جابر?نهى عن استقبال القبلة حال قضاء الحاجة، قال: ثم رأيته قبل أن يُقبض بعام يستقبل القبلة، قالوا: إن هذا الحديث ناسخ لأحاديث النهي، وهذا القول ضعيف؛ لأن حديث جابر ضعيف لا يُقاوِم هذه الأحاديث الصحيحة، وإنه لو قُدِّر التعارض، فإن النسخ لا يُصار إليه إلاّ عند تعذّر الجمع، والجمع هنا ممكن.
ق4) جواز الاستقبال دون الاستدبار، وهذا ضعيف؛ لأنه لا دليل عليه.
ق5) جواز الاستدبار دون الاستقبال في البنيان، وهذا اختاره الموفق ابن قدامة وابن أخيه الشارح ابن عمر-رحمهما الله- وهو الصحيح، وبه تجتمع الأدلة.
فنقول: إن النبي?نهى عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة، وهذا عام والأحاديث عامة، وحديث ابن عمر?يخصّص هذا العموم، فالعموم يُخًصُّ بصورة واحدة وهي صورة الاستدبار دون الاستقبال، ويبقى ما عداه على العموم، ولهذا قال الموفق-رحمه الله-:إن هذا القول هو الذي تجتمع به الأدلة.
تابع الفوائد: 2 - استقبال القبلة ينقسم إلى أقسام:-
أ - تارة يكون استقبالها واجباً بل شرطاً، وهذا في الصلاة.
ب - وتارة يكون حراماً، وهو حال قضاء الحاجة.
ت - وتارة يكون مكروهاً، كالخطيب يوم الجمعة، إن لم يكن محرم،وكذلك خطبة العيد، ومثل الإمام بعد الصلاة، وعلى المذهب: الاستنجاء والاستجمار مكروه.
ث - تارة يكون مستحب، وهذا في مسائل:
- حال الدعاء.
–حال الأذان.
–عند الذكاة، سواء كانت قُربة كهدي أو عقيقة أو أضحية، أو من أجل اللحم، ولهذا قال صاحب الفروع-رحمه الله-:يتجه أنه يُستحب استقبال القبلة في كل طاعة إلاّ بدليل.
ج-وتارة يكون مباحاً، لمن كان جالساً متجه للقبلة، فهذا مباح.
000000000000000000000000000000000000000000
105 - عن عائشة-رضي الله عنها-أن النبي?قال:"من أتى الغائط فليستتر".رواه أبو داود.
الغائط: في الأصل هو المكان المنخفض، ثم اُستُعمل وعُبِّر بما هو الخارج من الإنسان.
فليستتر: مشترك بين الوجوب والاستحباب في الستر. يعني: أمر بالوجوب فيما يتعلق بستر العورة، وما زاد على العورة فهو يكون للاستحباب.
فيُستفاد من الحديث: مشروعية الاستتار، لمن أتى الغائط، فقد ثبت من فِعلِه وقوله?،من فعله حديث المغيرة، ومن قوله في هذا الحديث.
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-:إن هذه القلوب أوعية، فاشغلوها بالقرآن ولا تشغلوها بغيره.