تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

رابعا: التلاعب بالمعلومات:

لقد حاول الأستاذ الجديع أن يقرر استحباب إعفاء اللحية من خلال اقتران الإعفاء بقص الشارب في عدة أحاديث، وحتى تسير الأمور على ما يرام لم يكن من صالح الجديع أن يتعرض بوضوح لدلالة ما ورد في قص الشارب على حكم القص كما سيأتي إيضاحه، وإنما أطنب في صفة القص ومالراجح فيه وهذا لا يشوش على الجديع مبتغاه، أما حكم القص فلم يكن من صالحه أن يتعرض

له بوضوح، ولا لمن قال بالوجوب وحجتة في الإيجاب، وإنما صرح باستحبابه ولم يطل عند تعرضه لذلك.

فحرص الأستاذ ابتداء أن يستفيد من ذكر قص الشارب مقرونا مع إعفاء اللحية، فقرر أن الأمر بقص الشارب إنما هو لعلة المخالفة ليساوي بينه وبين إعفاء اللحية.

فقال ص (202):

" وقد علمت أن الأمر بالمخالفة هو المقصود في الأحاديث، وليس مجرد إعفاء اللحية وقص الشارب، فلا يجوز بعده التعلق بالأمر بالإعفاء والقص مجردين عن السبب فيهما " ا. هـ

وقال ص (192):

" فإذا كان الأمر بإعفاء اللحية وقص الشارب لعلة تحقيق صورة المخالفة لغير المسلمين من المشركين أو المجوس، أو أهل الكتاب اليهود والنصارى، وجب أن يقترن حكم ذلك الأمر دائما بحكم نوع تلك المخالفة "ا. هـ

فتأمل قوله: (دائما) فهو دال على أن القص إنما أمر به للمخالفة فقط كما هو معنى كلامه الأول وقال ص (212):

" من خلال جواب المسألة الأولى تبين أن الأوامر الشرعية في اللحية والشارب إنما قصد بها المخالفة لغير المسلمين، وعليه فلو قال قائل: مادام الحكم علق بعلة المخالفة فإنه ينتفي حين تنتفي وهذا صواب بمقتضى الأصول، فإن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، ً ويسلم لقائله القول به بمقدار ما دلت عليه الأحاديث الآمرة بالإعفاء والقص للعلة المذكورة، وتكون تلك الصورة غير مأمور بها إذا لم تفد المخالفة "ا. هـ

وبعد أن قرر أن كلا الأمرين الإعفاء وقص الشارب إنما أمر بهما لعلة المخالفة، ولم يؤمر بهما مجردين عن هذه العلة كما هو نص كلامه السابق.

قرر أيضا أن الأمر بهما في سياق واحد ولعلة واحدة يدل على أن حكمها واحد، وكل هذا ليعطي الإعفاء حكم الاستحباب بناء على ما ترجح عنده من أن القص (قص الشارب) مستحب أيضاً.

فقال ص (172) تحت عنوان: (دلالة ما ورد بخصوص الشارب على حكم إعفاء اللحية):

" يلاحظ أن الأحاديث الثلاثة اتفقت على الأمر بإعفاء اللحية مقترنا بالأمر بإحفاء الشارب، وحيث لم يأت الأمر ثابتا بخصوص اللحية إلا في هذه الأحاديث، فإن الواجب حين اتخذ المخرج والصيغة أن يتحدا في درجة الحكم، ولا يصلح ادعاء افتراق حكمها من نفس هذه الأحاديث "ا. هـ

ثم ذكر أن اللحية لم يرد فيها شيء زيادة على ما جاء في الشارب، بل العكس فما ورد في الشارب أزيد، ليقرر أنه لابد من إعطاء حكم الإعفاء من الدرجة في الحكم نفس حكم الشارب لا العكس، وبما أن القص عنده مستحب فالإعفاء كذلك.

وكرر نفس الاستدلال في حديث أبي أمامة الآتي فقال ص (206):

" هذه الأوامر جميعاً خرجت مخرجا واحدا لعلة واحدة، فلا يجوز التفريق بين دلائلها، فلا يصح مثلا أن يقال: الأمر بالمخالفة في صبغ الشيب ولبس الأزر والانتعال مندوب، وفى قص الشارب وإعفاء اللحية واجب، أو في جميعها مندوب إلا في اللحية فواجب، إلا أن يرد في دليل آخر ما يفرق بينها " ا. هـ

وبما أن القص عنده مستحب فالإعفاء مستحب أيضا وهذا كل ما يريد أن يصل إليه الجديع فهما مقدمتان:

الأولى: أن إعفاء اللحية وقص الشارب إنما أمر بهما لعلة المخالفة فقط، وقصد المخالفة هو المراد فقط، فلوا انتفت المخالفة ينتفي الأمر بهما ومن هذا فهما مستويان في الأمر والعلة.

الثانية: فحيث اتحد المخرج والصيغة وجاءا في سياق واحد وجب اتحاد هما في درجه الحكم

وبهذا حقق الأستاذ الجديع مبتغاه، وحرص حين تقريره لهذه النتيجة عن طريق تينك المقدمتين

على ألا يبرز الجانب المتعلق بحكم قص الشارب على سبيل الوضوح، لدرجة أنه ادعى أن سنة قص الشارب إنما المقصود بها المخالفة، ولا ينبغي التعلق بالأمر بها دون هذه العلة، مغلباً في شرعيتها جانب المخالفة كما تقدم، بل لم يذكر إلا المخالفة فقط ونفى أي سبب آخر.

ولكنه بعد أن اطمأن على تقرير تلك النتيجة وحقق الأمل المنشود عنده، وفوت هذا المبحث الهام عاد ليقرر في مبحث آخر بعده ما يدل على تلاعبه ولكن في سياق متقن فقال ص (223):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير