تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و إلى جانب أنهما أثبت الناس في نافع فقد شاركهما في ترك تلك الزيادة بقية الرواة، كعبد العزيز بن أبى رواد ـ وفي الإسناد إليه راو ضعيف ولكنه يشهد لرواية الجماعة ـ وعبد الله العمري وأبي معشر وأبي بكر بن نافع.

كلهم لم يذكروا تلك الزيادة: "وخالفوا المشركين ".

بل توبع نافع من قبل عبد الرحمن بن أبي علقمة أو ابن علقمة وهو ثقة، فروى الحديث عن ابن عمر دونها، ومن قبل عروة بن الزبير أيضا دون تلك الزيادة. وعمر بن محمد بن زيد الذي تفرد بهذه الزيادة هو دون مالك ودون عبيد الله في الحفظ والتثبت بل لا يقارن بأحد منهما، فهو قد لينه ابن معين عندما قارن بينه وبين عمر بن حمزة، فقال كما في الجرح والتعديل (6/ 104):

"عمر بن حمزة أضعف من عمر بن محمد بن زيد".

وعمر بن حمزة متفق على ضعفه، وقال ابن عدي عن عمر بن محمد بن زيد:

"هو في جملة من يكتب حديثه "

وذكره ابن حبان في " مشاهير علماء الأمصار" (1/ 127) فقال:

"من خيار أهل المدينة مات فيها وكان يهم في الأحايين "

وقال الذهبي في " ذكر من تكلم فيه وهو موثق" (263):

" صدوق نزل عسقلان لينه ابن معين ".

فهو وإن كان ثقة على الراجح، إلا أنه ليس بالرفيع ولا بالثبت، ولا يقارن بأمثال مالك وعبيد الله فالبون شاسع، وخاصة في الرواية عن نافع، ومثل هذا التفرد من مثله قد لا يكون مقبولاً كما هو معلوم من قواعد علم الحديث وخاصة في استعمال أئمة العلل، فهو مع حاله هذه لوحده في ذكر الزيادة عن نافع، كما قال الإمام البيهقي (1/ 149):

" وزاد فيه عمر بن محمد بن زيد عن نافع: خالفوا المشركين ".

بينما في الكفة الأخرى الأثبت والأحفظ والأكثر فهم ستة رواة، إضافة إلى علقمة وعروة اللذين تابعا نافعا

بل لو كان مالك لوحده أو عبيد الله لوحده لكانت رواية أحدهما أرجح، و لكانت تلك الزيادة غير مقبولة من مثل عمر بن محمد بن زيد فكيف وقد اجتمعا و معهما جماعة.

و أنا لا أريد أن أجزم بإعلال الزيادة إلا أن الأستاذ قد تجاهل كل هذا، وما هكذا تكون الأمانة العلمية، ولا هكذا هو أدب الفكر ولا بمثل هذا تكون براهين النظر، فإضافة للتجاهل قد وقع هنا فيما يجرح عدالته عندما قال:

" ومتى صح أن الزيادة محفوظة وجب إعمالها ... إلا أن تكون الزيادة من غير ثقة، أو من ثقة خالف فيها، أو من ثقة لم يرتق إلى درجة المتقنين فيتفرد بها، وجميع هذه الصور ليست واردة هنا كما يمكن أن تلاحظه من طرق وألفاظ هذه الأحاديث "ا. هـ

فقوله: " وجميع هذه الصور ليست واردة هنا كما يمكن أن تلاحظه من طرق وألفاظ هذه الأحاديث " ا. هـ

هو من الإخبار بخلاف الواقع المخل بأمانة العلم وبالصدق في النقل.

فزيادة: " خالفوا المشركين " تفرد بها عمر بن محمد بن زيد وهو ليس من المتقنين فلم هذا الكتمان.

فحاصل ما ارتكبه الأستاذ في هذه المسألة من تجاوزات هو التالي:

ا- أنه تجاهل حال الزيادة من أنه تفرد بها واحد.

ب- أنه تجاهل مخالفة هذا المتفرد للثقات ومنهم الجبال.

ج - أنه أخبر بخلاف واقع الرواية.

د - أن كل هذا لم يكن من الأستاذ مصادفة، في أمر ليست له فيه فائدة حتى يلتمس له العذر، وإنما هو في نقطة تعتبر فيصلاً في المسألة لو أثبت فيها ما أهمله لربما كان ذلك منه إهداراً لكتابه من أصله، فهو مستفيد من تلك الخطوات الثلاث من جهتين.

أولا: للوصول إلى تقرير ما يرنو إليه من أن الإعفاء لم يؤمر به إلا معللاً فقط وبالتالي

فالأمر به ينعدم عندا انعدام العلة، واقتران العلة بالأمر به في كل الأحاديث دليل على الاستحباب.

ثانيا: ليسد باب المحاجة حتى لا يكون للفريق الآخر دليل في الأمر بالإعفاء مجرداً عن ذكر العلة.

فهما عصفوران ولكن بحجر واحد.

وأنا لا أريد أن أطالب الأستاذ بأن يسلم بإعلالها، وإنما أطالبه بأن لا يتجاهل أمر هذا التفرد فيجيب عنه بما يراه مناسبا حتى لا يقع فيما يتعارض مع الأمانة العلمية، هذا أولاً.

وثانيا بأن لا يقول خلاف الواقع، و لا أريد أن أقول بأن لا يكذب، و إلا فما معنى نفيه للتفرد بينما هو واقع، والأستاذ قد خرج الحديث وهو على علم بهذا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير