تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومما يعلمه الأستاذ ولا يخفى على غيره أنه لا يجوز لأحد أن يأتي لحديث ولو كان مما تلقته الأمة بالقبول كحديث: " إنما الأعمال بالنيات " المعلوم أنه حديث فرد، فيزعم كذباً أنه حديث عزيز أو متواتر مثلا، لأن هذا إخبار بخلاف الواقع وكذب على العلم بغض النظر عن صحة الحديث.

هذا من جهة، وأما من جهة صحة الإعلال المذكور فذلك محتمل وهذا فيما يتعلق بزيادة حديث ابن عمر فقط، وأما من حديث أبي هريرة فهي ثابتة، وقد أخرجها ومسلم من حديث أبي هريرة.

تنبيه:

ولابن عمر رضي الله عنه حديث آخر غير الذي رواه نافع وابن علقمة وعروة، جاء من طريق معقل بن عبيد الله عن ميمون بن مهران عنه بلفظ:

" ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم المجوس فقال: إنهم يوفون سبالهم ويحلقون لحاهم فخالفوهم

فكان ابن عمر يجز سباله كما تجز الشاة "

أخرجه ابن حبان (12/ 289) والبيهقي (1/ 151) والطبراني في الأوسط (2/ 8 - 173) وفيه معقل وقد اختلف فيه قال عنه الحافظ: " صدوق يخطئ ".

ولو صح فهو حديث مستقل لا علاقة له بالحديث السابق من حيث الترجيح، ثم هو على ما في إسناده من كلام مرجوح أمام رواية نافع وابن علقمة وعروة إن أقحمناه في الترجيح والله أعلم.

ومن تجاهل الأستاذ أنه تكلم ص (196) عن معنى التشبه والمشابهة فبين أنهما فيما يتعلق بالهيئة والصورة على درجتين فقال:

" الأولى: مشابهة مقترنة بالقصد فهذا التشبه بهم ... "

" والثانية: مشابهة مجردة عن القصد فهذه لا تسمى تشبها".

فجعل الأستاذ القسمة ثنائية، أما الدرجة الأولى فقد نقل فيها قول شيخ الإسلام في الاقتضاء:

" والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه"

أما الثانية فنقل فيها قوله أيضا في الاقتضاء:

" فأما من يفعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضا ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا

تشبها نظر، لكن قد ينهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه ولما فيه من المخالفة"ا. هـ

واكتفى الأستاذ الجديع بهاتين الدرجتين فقط، وتجاهل القسم الآخر الذي ذكره شيخ الإسلام، وقد تعمد هذا، لأن كلام شيخ الإسلام الذي نقله الأستاذ مؤيدا به القسمين السابقين قد تخلله وتوسطه ذكر قسم آخر، فتجاوزه الأستاذ إلى غيره.

و حتى تتضح لك الصورة أنقل لك كلام شيخ الإسلام تاما فقد قال رحمه الله ص (82):

" والتشبه يعم:

1 - من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر

2 - ومن تبع غيره في فعل لغرض له في ذلك، إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير

3 - فأما من فعل الشيء واتفق أن الغير فعله أيضا، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه ففي كون هذا تشبها نظر، لكن قد ينهى عن هذا ... " ا. هـ

فتجاهل الأستاذ القسم الثاني وجعل القسمة ثنائية، مع أن القسم الثاني هو الأصل في تقسيم شيخ الإسلام بخلاف القسم الثالث الذي اعتبره الجديع الثاني عنده.

بل هو أهم حتى من القسم الأول من حيث وقوعه، فالأول نادر الوقوع والحصول بنص كلام شيخ الإسلام، بخلاف الثاني.

وهو (أي الثاني) أهم من القسم الثالث الذي ذكره الجديع من حيث أن شيخ الإسلام قدمه عليه، ثم إن تعبير شيخ الإسلام قد دل على هذا فهو رحمه الله عندما ذكر التشبه عبر بقوله: " يعم " أي يشمل ثم ذكر مفعول هذا الفعل يعم فقال: " من فعل ... و من تبع ... "

فذكر القسمين الأول والثاني في سياق مفعولي الفعل: " يعم ".

أما القسم الثالث فلم يعطفه على ما سبق، وإنما عبر بما فيه تشكيك في جعل هذا القسم تابعا للقسمين الأول والثاني، وقوله: " ففي كون هذا تشبها نظر " صريح في التشكيك المذكور.

فتبين بهذا أن أهم الأقسام الثلاثة هو القسم الثاني، وقد أعرض الأستاذ عن ذكره تجاهلا للواقع،

و كتمانا للعلم، وخروجا عن الأمانة، وما هكذا يكون أدب الفكر، وما بمثل هذا تقرر براهين النظر.

ومع كون القسم الثاني الذي أهمله الأستاذ وحذفه أهم الأقسام الثلاثة ـ وهذا يزيد من شناعة صنيع الأستاذ ـ، فقد قرر الأستاذ عند ذلك خلاف ما تضمنه كلام شيخ الإسلام في القسم المحذوف.

فالأستاذ قد قرر أن المشابهة إذا تجردت عن قصد التشبه بالكفار فلا تسمى تشبها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير