تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلى ابن مسعود فقالت:أنبئت أنك تنهى عن الواصلة، قال:نعم فذكر القصة، وفي آخره قال:فإني سمعت رسول الله ? نهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة إلا من داء وما رواه ابن عباس قال:لُعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمتنمصة والواشمة والمستوشمة من غير داء"

ضابط التغيير الممنوع:

وردت تلك النصوص في المنع من تغيير خلق الله، كما وردت نصوص فيها مشروعية فعل أمور يبدو فيها أنها من تغيير خلق الله، مثل الختان، وقص الشارب، وحلق الشعر، وقص الأظافر، وحلق العانة، ونتف الإبط، وتغيير الشيب، وغير ذلك، ولا أشكال في هذه الأمور، فما جاء النص بالمنع منه يمنع، وما جاء النص بالأمر به أو بإقرار فعله يؤخذ على ما جاءت به النصوص.

لكن تبقى هنا بعض الصور المستحدثة التي لم تكن موجودة من قبل، فعلى أي الأمرين تحمل؟ من هنا ظهر الاحتياج إلى وجود ضابط يعلم به التغيير الممنوع من التغيير غير الممنوع.

فهل يصلح الدوام ضابطا للفرق بين التغيير الممنوع وغير الممنوع؟، بحيث يقال:إن كان التغيير دائما مُنع، وإن كان مؤقتا بحيث يزول التغيير بعد فترة ويرجع إلى حالته الأولى لم يمنع، ومن الواضح أن هذا الضابط لا يصلح؛ لأنه منقوض النمص وهو تغيير مؤقت، وهو مع ذلك ممنوع غير جائز.

هل يصلح أن يكون الضابط هو التغيير الحقيقي؟، بحيث يقال:إن كان التغيير حقيقيا مُنع وإن كان ظاهريا لم يمنع، لكن هذا الضابط لا يصلح أيضا، لأنه منقوض بوصل الشعر، فهو تغيير ظاهري، وليس حقيقيا ومع ذلك فهو ممنوع

هل يصلح أن يكون الضابط هو ما يعود من ضرر جراء التغيير؟، بحيث يقال:إذا كان التغيير ضارا مُنع، وإذا لم يكن ضارا فلا يمنع، وهذا أيضا لا يصلح لأن الضرر لا يتحقق في كثير من الصور المنهي عنها.

ومن خلال الصور التي جاء النهي عنها في النصوص الشرعية يمكننا أن نقول:إن ضابط التغيير الممنوع وغير الممنوع يتمثل في الآتي:

1 - كل ما جاء في النصوص الشرعية منعه فهو ممنوع، ولا يبحث له عن علة أو سبب زيادة على النص الوارد، كالنمص والوشم ونحوه.

- وكل ما جاء في النص الشرعي جوازه أو مشروعيته حتى لو كان تغييرا فهو جائز أو مشروع على حسب ما جاء في النص، كالختان وقص الأظافر وحلق العانة ونحوه

2 - التغيير الذي لم يرد الحديث عنه بخصوصه في النصوص الشرعية، فهو بين أحد أمرين:إما أن يكون تغييرا حقيقيا أو تغييرا ظاهريا:

-فإن كان التغيير حقيقيا فهو أيضا ممنوع؛ لعموم الأدلة القاضية بمنع تغيير خلق الله كحلق اللحية.

-وإن كان التغيير ظاهريا، فإن كان بحيث يلتبس أمره على الناظر إليه، ويظنه حقيقيا فهو لاحق بالتغيير الحقيقي، كمن يصبغ شعره بالسواد، وذلك أن الأصل في لون الشعر هو السواد، فصبغه بالسواد بعد أن يبيض مما يلبِّس أمره على الناظر إليه.

- وإن كان التغيير ظاهريا ولكن لا يلتبس أمره على الناظر إليه، ويدركه على حقيقته، كمن يصبغ شعره بغير السواد كالحناء والكتم فهذا لا شيء فيه، ويدل لذلك مسلك رسول الله ? مع والد أبي بكر رضي الله تعالى عنهما، فيما حكاه جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، قال:"أُتي بأبي قحافة يوم فتح مكة، ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا، فقال رسول الله ?:غيروا هذا بشيء، واجتنبوا السواد" وعلى ذلك فصبغ الشعر بما يلتبس أمره على الناظر إليه بحيث يظن أنه لون حقيقي للشعر فلا يجوز، بخلاف ما تظهر حقيقته ويعلم أنه صبغ.

ومن خلال هذه النقطة يمكننا معرفة حكم وصل الشعر بخيوط من صوف أو حرير أو غيره، دون وصله بالشعر الحقيقي، وهو الذي يسمى عند العلماء بـ"القرامل" فهذا لا يلتبس أمره على الناظر إليه بحيث يظنه من شعر المرأة، فلذلك هو مباح عند جمهور أهل العلم.

3 - التغيير الناتج عن جسم الإنسان بفعل تدخل خارجي، فإذا كان التغيير ناتجا عن أجهزة الجسم عن طريق تنشيط بعض الغدد أو تحفيزها، باستخدام بعض الأدوية التي تساعد بعض أجهزة الجسم أو خلاياه، على القيام بوظائفها المعتادة على النحو المعروف، فإن التغيير الناتج عن عمل هذه الأجهزة أو الخلايا أو الغدد بعد تنشيطها لتؤدي وظائفها المعهودة، لا يعد داخلا في التغيير المنهي عنه، كمن ولد أصلع مثلا، وبعد الفحص تبين أن الغدد المسئولة عن تكوين الشعر لا تعمل، وأنها مصابة أو أنها في حالة كسل، ثم تناول الإنسان أدوية تجعلها تنشط

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير