تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

القول الأول: الإباحة. وقال به جمعٌ من أهل العلم منهم الإمام أبو بكر الخلال الحنبلي، وأبو بكر غلام خليل الحنبلي.

قال الإمام ابن رجب: " فأما ما لم يكن فيه شيءٌ من ذلك فإنهُ ليس بمُحرَّمٍ وإن سُمِّىَ غِنَاءً، وعلى هذا حَملَ الإمامُ أحمدُ حَديثَ عائشةَ رضي الله عنها في الرُّخصَةِ في غِناءِ الأنصارِ، وقال: هو غِنَاءُ الرُّكبَانِ " أتيناكم أتيناكم ". وعلى مِثلِ ذلكَ حمَلَ طوائفُ من العلماءِ قولُ من رخَّصَ في الغِناءِ من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم، وقالوا: إنما أرادوا الأشعار التي لا تتضمنُ ما يُهيجُ الطباعَ إلى الهوى، وقريبٌ من ذلك الحُداءُ، وليس في شيء من ذلك ما يُحرِّكُ النفُوسَ إلى شهواتها المحرمة ". (8)

قال الإمام ابن الجوزي: " كان الغناء في زمانه إنشادَ قصائدَ الزهدِ إلا أنهم كانوا يُلحِّنونها ". (9)

وقال ابن رجب: " وحُكي عنه – أي الإمام أحمد – روايةٌ أخرى في الرخصة في سماع القصائد المُجردة ".

وقال أيضاً: " وذكروا أن الإمام أحمد سمعَ في منزلهِ من وراء الباب مُنشداً يُنشدُ أبياتاً من هذه الزهديات ولم يُنكر ذلكَ، لكن لم يكُن مع إنشادها تغبيرٌ ولا ضربٌ بقضيبٍ ولا غيرهُ ". (10)

وقال الإمام طاهر الطبري: " إنشاد الشعر إذا لم يكُن فيهِ تشبِيبٌ وتطريبٌ بامرأة فإنه مباحٌ ... وإذا جاز ذلك بكلامٍ منثور جاز بكلامٍ منظُومٍ موزونٍ وهو الشعرُ ولا فرق بينهما ". (11)

وقال الإمام محمد السَّفَّارِينِي: " لأن الغناءَ إنما هو عبارَةٌ عن الأصوات الحَسَنة والنغماتُ المُطربةُ يَصدُرُ عنها كلامٌ مَوزونٌ مَفهومٌ، فالوصفُ الأعَمُّ فيهِ إنما هو الصوتُ الحَسَنُ والنَّغْمةُ الطَّيِّبةُ ". (12)

والأمثلة على هذا السماع المُباح: سماع القصائد والأشعار التي لا محظور فيها، فقد سمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شعر حسان بن ثابت 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وكعب بن مالك 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وكعب بن زهير 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وغيرهم رضي الله عنهم، و سمع - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حادي يحدوا في السفر يٌقال له أنجشة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.

و سمع النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شعر أمية بن أبي الصلت الثقفي، فقال عنه: (آمن لسانه ولم يؤمن قلبه).

وسمع كذلك عليه الصلاة والسلام شعر النابغة الجعدي ودعا له فقال: (لا يُفضض الله فاك يا أبا ليلى) فعاش مائة سنة لم تسقط له سن.

وروى الإمام أحمد وابن ماجه أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (أهديتم الجارية إلى بيتها) قالت: نعم. قال: (فهلا بعثتم معها من يُغنيهم يقول: أتيناكم أتيناكم فحيونا نحيكم). (13)

وسمع النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُدَاءَ عامرِ بنِ الأكوعِ 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وهو يقول:

اللهُمَّ لولا أنتَ ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلنْ سكينةً علينا ... وثبتِ الأقدَامَ إنْ لاقينا

إنَّا إذا صِيْحَ بِنَا أتَيْنَا ... وبالصِّيَاحِ عوَّلوا علينَا

فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (من هذا السائق؟) قالوا: عامرُ بنُ الأكوعِ. قال: (يرحمُهُ اللهُ). (14)

تنبيه: هذا القول إنما هو في الترخيص في التغني بالشعر والقصائد الزهدية المُرقِّقة دون المشتملة على آلات اللهو والمعازف والمزامير.

قال الإمام ابن رجب: " إنما أرادوا سماع هذه القصائدِ الزُّهدِيةِ المُرَّقِّقةِ، لم يُرخِّصوا في أكثرَ مِن ذلكَ ". (15)

القول الثاني: يُباحُ مع الكراهة.

قال الإمام ابن الجوزي: " الروايتين عن الإمام أحمد في الكراهة وعدمها تتعلق بالزهديات المُلحَّنة، فأما الغِناءُ المعروف اليوم فمحظور عِندهُ كيف ولو علمَ ما أحدث الناسُ من الزيادات ". (16)

وهناك شروط اشترطها بعض أهل العلم في هذا النوع وهي: الاستتارُ في بَيتهِ، وعَدمُ الإكثارِ والزيادة مِنهُ، وأن يكون متخفياً، لم يتخذ الغِناءَ صِناعةً لهُ، وكان غِناءُهُ يسيراً. وقال بهذا القاضي أبو يعلى الحنبلي.

قال الإمام ابن عبدالقوي في منضومة الآداب:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير