تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* قال الإمام ابن الجوزي: " اعلم أن سماعَ الغِناءِ يجمعُ شيئينِ: أحدهما: أنهُ يُلهي القلبَ عن التفكُّر في عظمةِ اللهِ سبحانَهُ والقيام بخدمتهِ، والثاني: أنهُ يُميلُهُ إلى اللذاتِ العاجِلَةِ التي تدعوا إلى استيفائها مِن جَميعِ الشهواتِ الحِسِّيةِ ومُعظمها النكاحُ وليسَ تَمامُ لذَّتِهِ إلا في المُتجدِّدات، ولا سبيل إلى كثرة المُتجدِّداتِ مِنَ الحِلِّ؛ فلذلكَ يَحُثُّ على الزنا، فبينَ الغِناءِ والزنا تناسبٌ من جهة أن الغِناءَ لذةُ الروحِ، والزِّنا أكبرُ لذاتِ النفسِ، ولهذا جاء في الحديث: الغِناءُ رُقيةُ الزنا ". (46)

* وقال ابن تيمية: " قد عُلمَ بالاضطرار من دين الإسلام أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يشرع لصالحي أمته وعُبَّادِهم وزهَّادِهم أن يجتمعوا على استماع الأبيات المُلحنة، مع ضرب بالأكف أو ضربٍ بالقضيبِ أو الدفِّ، كما لم يُبح أن يخرج عن متابعته واتباع ما جاء به من الكتاب والحكمة، لا في باطن الأمر ولا في ظاهره لا لِعامِّيٍّ ولا لِخاصٍّ ". (47)

* قال الإمام ابن رجب: " الثابتُ عن الصحابة رضي الله عنهم ذمَّ الغِناء وآلات اللهو، وقَد رُويَ ما يُوهِمُ الرُّخصةَ عَن بَعضِهِم وليسَ بمُخالِفٍ لهذا فإنَّ الرُّخصةَ إنما ورَدَت عنهُم في إنشَادِ أشعَارِ الأعرابِ عَن طريقِ الحُداء ونحوهِ مما لا محذُورَ فيهِ ". (48)

وقد أحسنَ القائلُ:

تُليَ الكِتابُ فأطرقوا لا خيفةً ... لكنَّهُ إطراقُ ساهٍ لاهِيْ

وأتى الغِناءُ فكالحَميْرِ تنَاهَقوا ... واللهِ مَا رَقَصوا لأجلِ اللهِ

دُفٌّ ومِزمَارٌ ونَغمَةُ شَادِنٍ ... فمتى رأيتَ عِبَادَةً بمَلاهِيْ

ثَقُلَ الكِتَابُ عَليْهُمُ لمَّا رأوا ... تَقييدَهُ بأوامرٍ ونواهِيْ

سَمِعُوا لهُ رَعْداً وبَرقَاً إذ حوى ... زجْراً وتَخْوِيفاً بِفِعْلِ مَنَاهِيْ

وراوهُ أعظَمَ قَاطِعٍ للنَّفسِ عَن ... شَهَواتِهَا يَا ذبحهَا المُتَنَاهِيْ

وأتى السَّمَاعُ مُوافِقاً اغرَاضَهَا ... فلأجلِ ذاكَ غّدَا عَظِيْمَ الجَاهِ

وقال آخر:

برئنا إلى الله من مَعشَرٍ ... بهِم مَرَضٌ مِنْ سَمَاعِ الغِنَا

وَكَمْ قُلتُ يا قَومِي أنتُمْ عَلى ... شَفَا جُرُفٍ مَا لَهُ مِنْ بِنَا

شَفَا جُرُفٍ تَحتَهُ هُوَّةً ... إلى دَرَكٍ كَمْ بهِ مِنْ عَنَا

وتِكرارُ ذا النُّصحِ مِنَّا لَهُمْ ... لِنُعذرَ فيهِمْ إلى رَبِّنَا

فلمَّا استَهَانُوا بتَنبِيْهِنَا ... رَجعنَا إلى اللهِ في أمرِنَا

فَعِشنَا على سُنَّةِ المُصطَفى ... ومَاتوا على تَنتَنَا

وما أحسن ما قاله بعض العلماء وقد شاهدَ هذا وأفعالهم:

ألاَ قُلْ لهُم قَولَ عَبدٍ نَصُوحْ ... وَحَقُّ النَّصِيحَةِ أنْ تُستَمَعْ

مَتى عَلِمَ النَّاسُ في دِينِنَا ... بأنَّ الغِنا سُنَّةٌ تُتَّبَعْ

وأنْ يَأكُل المَرءُ أكلَ الحِمَار ... وَيَسقُطَ في الجَمعِ حَتَّى يَقَعْ

وقالوا سَكِرنَا بحُبِّ الإلهِ ... ومَا أسْكَرَ القَومَ إلا القِصَعْ

كَذاكَ البهائمُُ إنْ أُشْبِعَت ... ْيُرقِّصُهَا رِيُّهَا والشِّبَعْ

ويُسكِرُهُ النَّايُ ثمَّ الغِنَا ... و (يَسٌ) لو تُلِيَتْ ما انصَدَعْ

فيا لِلعُقُولِ ويا لِلنُّهى ... ألا مُنْكِرٌ مِنكُمُ للبِدَعْ

وقال الآخر:

فدَعْ صَاحِبَ المِزمَارِ والدُّفِ والغِنَا ... ومَا اختَارَهُ عَن طاعةِ الله مَذهبَا

ودَعْهُ يَعِشْ في غَيِّهِ وضَلالهِ ... على تَنتَنَا يَحيَا ويُبعَثُ أشيَبَا

وفي تَنتَنَا يَومَ المَعَادِ نجَاتُهُ ... إلى الجنَّةِ الحَمراءِ يُدعَى مُقرَّبَا

سَيَعلمُ يَومَ العَرضِ أيُّ بضَاعَةٍ ... أضَاعَ وعِندَ الوَزنِ مَا خَفَّ أو رَبَا

ويَعلمُ مَا قد كَانَ فيهِ حَياتُهُ ... إذا حَصَلتْ أعمَالُهُ كُلَّها هَبَا

دَعَاهُ الهُدَى والغَيُّ من ذا يُجِيبُهُ؟ ... فقالَ لِدَاعِيْ الغَيِّ أهلاَ ومَرحَبَا

وأعرضَ عن دَاعي الهُدى قائلاً لَهُ: ... هَوَايَ إلى صوتِ المعَازِفِ قَد صَبَا

وقَد ذكرَ الإمامُ ابن القيم للغناء أربَعةَ عَشَر اسماً قبيحاً وبيَّنَ كل واحد منها في فصل خاص ذكرَ فيهِ أدلة كل اسم منها ومعناه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير