فقال رحمه الله: " هذا السَّمَاعُ الشيطاني المُضادُّ للسَّمَاعِ الرَّحماني. لهُ بِضعَة عَشرَ اسماً: اللهو، واللغو، والباطل، والزور، والمُكاء، والتصدية، ورُقية الزنَا، وقُرآن الشيطان، ومَنبَتُ النفاقِ في القلب، والصوتُ الأحمق، والصوتُ الفاجر، وصوت الشيطان، ومَزمُر الشيطان، والسُّمُود ".
أسماؤهُ دّلَّتْ عَلى أوصَافِهِ ... قُبحَاً لِذيْ الأسمَاءِ والأوصَافِ
فنذكُرُ مَخَازيَ هذه الأسمَاء، ووقوعُها عليهِ في كلامِ اللهِ وكَلامِ رَسُولهِ، والصَّحَابَةُ، ليَعلمَ أصحَابُهُ وأهلُهُ بما بهِ ظَفَروا، وأيُّ تِجَارَةٍ رَابِحَةٍ خَسِرُوا ". (49)
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله:" وكم قد فَتنَتْ الأصواتُ بالغِنَاء مِن عَابِدٍ وزاهِدٍ وقد ذكرنَا جُملَةً مِن أخبارِهِم في كِتَابِنَا المُسمَّى بذَمِّ الهَوَى ". (50)
إذا كان هذا فعلها بالعابد والزاهد فكيف بمن أقل منهم عبادةً وزهداً، هذا في ذلك الزمن الذي بيننا وبينه أكثر من 1000 سنة، فماذا نقول عن الناس في زمننا هذا؟؟
قال الإمام العلامة محمد بن أبي بكر الطرطوشي المالكي في وَصفِ الغِنَاء وآثاره القبيحة السيئة: " فأنهُ صِنْوُ الخَمرِ، ورضِيعُهُ، وحَليفُهُ، ونَائبُهُ، وهو جاسُوسُ القُلوبِ، وسَارقُ المرؤةِ والعُقُولِ، يتغَلغَلُ في مَكَامِنِ القُلوبِ، ويَطلعُ على سَرائرِ الأفئدةِ، ويَدُبُّ إلى التَّخَيُّلِ فيُثيرُ ما غُرَزَ فِيهَا من الهَوى والشهوةِ والسَّخَافةِ والرُّعُونةِ ... فيستحسِنُ مَا كَانَ قبلَ السَّمَاعِ يَستقبِحُهُ، ويُبدِي مِن أسراره ما كان يَكتُمُهُ وينتقِلُ مِن بهَاءِ السُّكُونِ إلى كثرةِ الكلامِ والكذبِ والزَّهْزَهةِ والفَرقعَةِ بالأصابعِ فيميلُ برأسهِ ويّهُزُّ بمَنكِبيهِ، ويَدُّقُّ الأرضَ برجليهِ، وهكذا تفعلُ الخَمرَةُ إذا مالت بشاربها ". (51)
أدلة تحريم الغِناءِ من كتاب الله تعالى:
الدليل الأول:
قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليُضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهُم عذاب مُهين) [سورة لقمان آية 6].
قيل إنها نزلت في رجل مِن قُريش اشترى جاريةً مُغنيةً فشُغل الناسُ بِلَهْوِهَا عن استماع النبي صلى الله عليه وسلم. (52)
وروى ابن جرير الطبري بسنده إلى ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - في قوله: (ليُضلَّ عن سبيلِ اللهِ) قال: " سبيل الله: قراءة القرآن وذكر الله إذا ذكره، وهو رجلٌ مِن قُريش اشترى جارية مغنية ". (53)
وعن أبي أمامة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - قال: قال 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: (لا يَحِلُّ بَيعُ المُغنِّياتِ ولا شراؤهنَّ ولا التِّجارةُ فيهنَّ، ولا أثمَانِهِنَّ، وفيهنَّ نزلتْ هذه الآية). (54)
وقد فسِّرَ جمعٌ من أهل العلم قوله: (لهو الحديث) بأنه الغناء والاستماع له.
* قال ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: " هو الغناء، والله الذي لا إله إلا هو " يرددها ثلاث مرات. (55)
* وقال أبو الصهباء: " سألت ابن مسعود 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - عن قول الله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) فقال: هو الغِناءُ والاستماعُ إليهِ ". (56)
* ونقل القرطبي عن عبدالله بن عُمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - أن قال: " الغناء ". (57)
* وقال ابن عباس 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: " هو الغِناءُ وأشبَاهُهُ ". وفي رواية عنه: " هو الغِناءُ الاستماعُ إليهِ ".
(58)
* وقال جابر بن عبدالله 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: " هو الغِناءُ والاستماعُ إليهِ ". (59)
* وقال مجاهد: " الغناء ". (60)
* وقال محكول: " من اشترى جاريةً ضَرَّابةً ليمسكها لِغِنائها وضَربِها مقيماً عليه حتى يموت لم أُصَلِّ عليه؛ لأن الله يقول: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ... ) الآية ". (61)
* وقال عكرمة: " الغناء ". (62)
* وقال عطاء الخُراساني: " الغناء والباطل ". (63)
* وقال قتادة: " هو الغناء ". (64)
* قال الإمام البغوي: " وعن سعيد بن جُبير قال: " لهو الحديث هو الغناءُ والآية نزلت فيه ". (65)
* وقال الحسن البصري: " نزلت هذه الآية: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) في الغناء والمزامير ". (66)
¥