قال الشيخ السعدي _ رحمه الله _ في تفسيرها:
(هذه الآية وإن كانت نازلة في أهل الكتاب, وما كتموا من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته, فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله [/ COLOR[COLOR="red"]]( مِنَ الْبَيِّنَاتِ) الدالات على الحق المظهرات له، (وَالْهُدَى) وهو العلم الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم, ويتبين به طريق أهل النعيم, من طريق أهل الجحيم، فإن الله أخذ الميثاق على أهل العلم, بأن يبينوا الناس ما منّ الله به عليهم من علم الكتاب ولا يكتموه، فمن نبذ ذلك وجمع بين المفسدتين, كتم ما أنزل الله, والغش لعباد الله، فأولئك (يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ) أي: يبعدهم ويطردهم عن قربه ورحمته.
(وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) وهم جميع الخليقة, فتقع عليهم اللعنة من جميع الخليقة, لسعيهم في غش الخلق وفساد أديانهم, وإبعادهم من رحمة الله, فجوزوا من جنس عملهم، كما أن معلم الناس الخير, يصلي الله عليه وملائكته, حتى الحوت في جوف الماء, لسعيه في مصلحة الخلق, وإصلاح أديانهم, وقربهم من رحمة الله, فجوزي من جنس عمله، فالكاتم لما أنزل الله, مضاد لأمر الله, مشاق لله, يبين الله الآيات للناس ويوضحها، وهذا يطمسها فهذا عليه هذا الوعيد الشديد.
(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) أي رجعوا عما هم عليه من الذنوب, ندما وإقلاعا, وعزما على عدم المعاودة (وَأَصْلَحُوا) ما فسد من أعمالهم، فلا يكفي ترك القبيح حتى يحصل فعل الحسن.
ولا يكفي ذلك في الكاتم أيضا, حتى يبين ما كتمه, ويبدي ضد ما أخفى، فهذا يتوب الله عليه, لأن توبة الله غير محجوب عنها، فمن أتى بسبب التوبة, تاب الله عليه, لأنه (التَّوَّابُ) أي: الرجاع على عباده بالعفو والصفح, بعد الذنب إذا تابوا, وبالإحسان والنعم بعد المنع, إذا رجعوا، (الرَّحِيمُ) الذي اتصف بالرحمة العظيمة, التي وسعت كل شيء ومن رحمته أن وفقهم للتوبة والإنابة فتابوا وأنابوا, ثم رحمهم بأن قبل ذلك منهم, لطفا وكرما, هذا حكم التائب من الذنب) أ.هـ
وفي الحقيقة هذا موضوع مهم ويستحق أن يبحث في رسالة علمية ماجستير أو دكتوراه في أصول الفقه دراسة تأصيلية وتطبيقية ويربط بالمباحث الأصولية كالأدلة: المصلحة، العرف، الاستحسان، سد الذرائع، مراعاة الخلاف، السياسة الشرعية، والمقاصد الشرعية .... ) وتربط بالفتوى ومباحثها. وقبل ذلك تؤصل المسألة بأدلتها من الكتاب والسنة وآثار الصحابة.
ـ[نصر]ــــــــ[13 - 04 - 07, 07:03 م]ـ
عنوان الفتوى: ما كتمه أبو هريرة من علم الفتن
رقم الفتوى 18463
تاريخ الفتوى 28/ 12/1427 هـ -- 2007 - 01 - 17
للشيخ / عبدالعزيز الطريفي
السؤال
جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال (حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين فأما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم) أرجو من فضيلتكم شرح هذا الحديث الشريف.
الإجابة
هذا الحديث من الأحاديث العظيمة، وقد استوفاه ابن حجر شرحاً في الفتح، وذكره كثير ممن كتب في الفتن.
ومراد أبي هريرة من الوعائين، فما بثه فهو علم الأحكام الشرعية، وهي أحاديثه التي بين أيدينا، وأما ما لم يبثه فهو كمواطن الفتن وأصحابها، وأوقاتها، فقد كان لديه من رسول الله صلى الله عليه وسلم علماً واسعاً، لكنه لم يحدث به خشية الفتنة، وخشية الشقاق، وخوفاً على نفسه في مقابل نفع محتمل، وضرر بين، وليس فيما كتمه شيء من أحكام الشرع.
وقد كان لأبي هريرة رضي الله عنه علم خصه به رسول الله في الفتن وأهلها.
وقد روى محمد بن راشد عن مكحول قال كان أبو هريرة يقول: رب كيس عند أبي هريرة لم يفتحه يعني من العلم.
وما كتمه أبو هريرة هو من علم الفتن لا من علم الحكام، قال الذهبي في السير:
(هذا دال على جواز كتمان بعض الأحاديث التي تحرك فتنة في الأصول أو الفروع أو المدح والذم أما حديث يتعلق بحل أو حرام فلا يحل كتمانه بوجه فإنه من البينات والهدى وفي صحيح البخاري قول الإمام علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون أتحبون أن يكذب الله ورسوله.
¥