[دعوة الامام محمد بن عبد الوهاب وصداها في المغرب]
ـ[الخريبكي]ــــــــ[02 - 03 - 07, 07:00 م]ـ
دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب الإصلاحية وصداها في المغرب
حسن بن عبد الكريم الوراكلي
الأستاذ بقسم الدراسات العليا
- كلية اللغة العربية - جامعة أم القرى
ملخص البحث
تتألف هذه الدراسة من تمهيد وثلاثة مباحث.
عُني التمهيد بتحديد قيمة الدعوات الإصلاحية والأساليب التي تعتمدها في عمليتي (الاستئصال) و (الاستتباب) لتحقيق هدفها في التغيير.
وبعد أن حدد التمهيد قيمة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بما استأصله من (إكباب) في مفهوم العقيدة والعبادة والمعاملة واستنبتت من (استواء) في جميعها أشار إلى ما كان لها من أثر بعيد الغور في الجزيرة ثم في مختلف أقطار المسلمين.
ثم توجهت الدراسة لبلورة ذلك الأثر في أحد الأقطار الإسلامية وهو المغرب الأقصى، وذلك عبر مباحث ثلاثة رصدت في أولها (تواريخ وصول الدعوة إلى المغرب)، واستجلت في ثانيها (ملابسات الوصول)، وبلورت في ثالثها (أصداء الدعوة عند فئات ثلاثة)، هي:
أ - ولاة الأمر والحكم.
ب - رجالات العلم والفكر.
ج - فئة المؤرخين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
^^^^^^
تتحدد قيمة الدعوات الإصلاحية في ضوء ما يكون لها من (أثر) في بيئتها التي احتضنتها وفي عصرها الذي أظلها، ثم فيما يكون لها من امتداد في غير بيئتها وفي غير عصرها. و (الأثر) المشار إليه يتبدى، ومنذ بواكير أية دعوة إصلاحية، في (موقفين) منها يبدوان، لأول وهلة، متضادين متنافرين، لأن أحدهما يحتفي بها وينافح عنها في حين يصد الثاني عنها ويتربص بها الدوائر؛ غير أن من يستبطن الحوافز المحركة للموقفين يستكشف (توحدهما) في النظرة التقديرية لأثرها بصرف النظر عما يراد لها من مد عند أحدهما، ومن جزر عند الآخر!
وتتحدد مقصدية الدعوات الإصلاحية في ضوء ما يكون لها من قدرة على (التمحور) حول (الإنسان)، أيا كان لونه ولسانه، وأياً كان مكانه وزمانه، بما تستأصل من شر في نفسه، وإكباب في فكره، وبما تستنبت من خير في وجدانه، واستواء في سلوكه. وبهذا تؤهله للوفاء بحمل الأمانة العظيمة والنهوض بها في نطاق الخلافة التي طوقه بها رب العالمين.
أما الأساليب التي تعتمدها تلك الدعوات في عملتي (الاستئصال) و (الاستنبات) فهي قد تتخذ لها صوراً شتى يمليها (مصدر) الدعوة حيناً، ويقتضيها (الظرف العام) آخر، ويستلزمها (الموقف الخاص) ثالثاً، غير أن ما ينتظمها جميعها هو خيط (التغيير)، تغيير ما بالنفس استصلاحاً لحالها واستثماراً لبذرة (الاستواء) في خويصتها، وكذلك، وبذات الوقت، في تواصلها بأنفس الآخرين. وهي، أي الدعوات الإصلاحية، تلحم، بفضل ما تحققه من (تغيير) في الذات (الخاصة) وفي الذات (العامة) بين الوجدان الفردي والوجدان الجماعي، فتخلق بذلك الأجواء العقلية والنفسية السليمة لاستعادة الأمة (روحها) واسترداد (ذاكرتها) ممثلتين في قيمتها العقلية، ومثلها الروحية، وتجاربها التاريخية، وتلك أولى خطواتها على طريق الوعي اللاحب الذي لا عوج فيه ولا أمت (1).
وفق هذا وذاك، ومن منطلق معرفتنا بسمتي (الإصلاح) و (التغيير) اللتين وسمتا دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية نستطيع القول بأن قيمة هذه الدعوة تحددت بما كان لها من أثر بعيد الغور في بيئتها، عصرها وبعد عصرها إلى يوم الناس هذا وإلى ما شاء الله تعالى، وذلك بما استأصلت من (إكباب) في مفهوم العقيدة، والعبادة، والمعاملة عند الناس، واستنبتت من (استواء) فيها جميعها.
وليس من شأننا، هنا، أن نفيض في التأريخ لهذه الدعوة (2)، كما أنه ليس من شأننا، هنا، أن نبسط القول في مكوناتها وأدبياتها.
¥