اولاً: مفهوم كلمة التوحيد (لا اله إلا الله)
نعلم جميعاً أن توحيد الله هو الأصل الأصيل والأساس القويم وإخلاص الدين لله هو
أصل الدين وقطبه الذي تدور عليه رحاه وهو التوحيد الذي أرسل الله به الرسل
وأنزل به الكتب وإليه دعا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وعليه جاهدوا وبه أٌمروا وفيه
رغبوا. قال تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ الدِّينَ}
الزمر2قال تعالى {وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} التوبة
31
فالتوحيد هو بمثابة الأساس من البنيان قال ابن القيم رحمه الله ((من أراد علو بنيانه فعليه
بتوثيق أساسه وإحكامه وشدّة الاعتناء به فإن علو البنيان على قدر توثيق الأساس
وإحكامه فالأعمال والدرجات بنيان وأساسها الإيمان فالعارف همته تصحيح الأساس
وإحكامه، والجاهل يرفع في البناء من غير أساس فلا يلبث بنيانه أن يسقط
قال تعالى {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللّهِ وَرِضْوَانٍ
خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَىَ شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} التوبة109
ثم قال يرحمه الله (وهذا الأساس أمران الأول: صحة المعرفة بالله وأوامره وأسمائه وصفاته.
الثاني: تجريد الإنقياد له ولرسوله دون ما سواه.) فهذا أوثق أساس أسّس العبد عليه بنيانه وبحسبه يعتلي البناء ما شاء فأحكم الأساس وأحفظ القوة ودم على الحمية) أ. هـ.
الفوائد (صـ 204).
أحبتي في الله إذا عُلم هذا ومدى أهمية التوحيد بقي شيء وحيد وهو أهمية
معرفة معنى لااله إلا الله أي ماذا تعني هذه الكلمة وما مدلولاتها ومعانيها وأسرارها
فهناك من الناس يردد هذه الكلمة ولكن لايعرف معناها الصحيح وهناك من فهم معنى
التوحيد فهم خاطئ، فمنهم من يظن أن معنى التوحيد
(الإقرار بالله أي الاعتراف بوجوده فقط مجرداً من الأسماء والصفات،أي سميع بلا سمع
بصير بلا بصر وهذه هي عقيدة المعتزلة وهذا ظناً وفهم ٌ خاطئ).
ومنهم من يقول لايمكن التعبير عن التوحيد بل هو شيء خيالي ومن عبر عن التوحيد
فقد أشرك أو كفر وهذا هو معتقد الصوفية ويعتبر فهم سقيم وخاطئ قال شيخ الإسلام
بن تيمية (قول المتصوفة انه لا تصح العبارة عن التوحيد، كفراً بإجماع المسلمين
فإن الله عزوجل عبر عن التوحيد في كتابه ورسوله في سنته).
ومنهم من يقول أن معنى التوحيد أي أن الله تعالى عين كل موجود ولا شيئاً في
الدنيا موجود سوى الله سبحانه أي أن كل شيء هو الله وهذا كفراً اتحادية كل شيء موجود
هو الله حتى المخلوق عندهم هو الله والعياذ بالله وهذا قول الاتحادية).
ومنهم من يقول أن معنى التوحيد هو أن الله واحد في ذاته لاقسيم له واحد في
صفاته لاشبيه له واحد في أفعاله لاشريك له وهذا عقيدة الأشاعرة وأعظم معنى
للأشاعرة في التوحيد هو واحد في أفعاله لاشريك له: ويعتبر
فهم سقيم وخاطئ أي أن الله قادر على الاختراع فهذا التوحيد ليس فيه توحيد الألوهية.)
ومنهم من يقول أن معنى التوحيد (لاحاكم إلا الله) وهذا باطل نعم أن الله هو الحاكم
بلا شك ولكن ليس هو تعريف الألو هية بل هذا جزء من توحيد الألوهية ولو أن أهل الكفر
والشرك قالوا لاحاكم إلا الله لم يدخلوا الإسلام اقصد اهل الكفر.
ومنهم من يقول لامعبود إلا الله وهذا تفسير ناقص يؤدي لمفهوم باطل بمعنى أن كل معبود
بحق أو باطل هو الله.
وتقول بعض الطوائف التوحيد هو إخراج اليقين الفاسد وإدخال اليقين الصحيح. وهذا فهم
خاطئ. ومن قال بأحد التعريفات السابقة لم يدخل الإسلام أبداً حتى ينطق بكلمة التوحيد،
وقد رد شيخ الإسلام رحمه الله على الرافضي في منهاج السنة قال الرافضي
(إن من أفضل المطالب وأجل المكاسب والذي ينال به دار الكرامة هو مسألة الإمامة)
فرد عليه شيخ الإسلام رحمه الله (قال لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بايع أحد من المشركين أو أراد
أن يدعوا أحداً إلى الإسلام أن يقول له ادخل في الإمامة آو نحوه).
فالمعنى الصحيح الذي عليه الأمة من السلف والخلف هو إفراد الله بالعبادة وإفراده بتوحيد الربوبية
وأسماءه وصفاته فمعنى لااله إلا الله أي (لامعبود بحق إلا الله) لا أداة نفي، إله بمعنى المألوه
والتأله التعبد. والمقصود منها: أن يقر الإنسان بلسانه بعد أن آمن قلبه بأنه لامعبود حقاً إلا الله عزوجل وهذا يتضمن إخلاص العبادة لله وحده ونفى العبادة عمن سواه (التوحيد ابن عثيمين
صـ20دارالمسلم)
قول (لامعبود بحق) كلمة حق لابد منها لأنه توجد آلهة يعبدها الناس
قال تعالى (فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ مِن شَيْءٍ لِّمَّا جَاء أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} هود101.فمنهج أهل السنة والجماعة قاطبةً في معنى التوحيد هو إفراد الله عزوجل بالعبادة.فاليتنبه إخوتي
المسلمين من هذه التأويلات الفاسدة والخاطئة وليتبعوا الحق في معنى التوحيد لكي يكون إسلامهم صحيحاً
اخوكم (ابو عمر)