.. وأما قول من قال: إنه إذا زاد على القبضة يؤخذ الزائد واستدل بآثار ابن عمر وعمر وأبي هريرة رضي الله عنهم فهو ضعيف لأن أحاديث الإعفاء المرفوعة الصحيحة تنفي هذه الآثار فهذه الآثار لا تصلح للاستدلال بها مع وجود هذه الأحاديث المرفوعة الصحيحة فأسلم الأقوال هو قول من قال بظاهر أحاديث الإعفاء وكره أن يؤخذ شيء من طول اللحية وعرضها والله تعالى أعلم.
معنى أعفو
الكشاف [جزء 1 - صفحة 109 - 110]
" فمن عفي له من أخيه شيء " .... فإن قلت: هلا فسرت عفي بترك حتى يكون شيء في معنى المفعول به؟ قلت: لأن عفا الشيء بمعنى تركه ليس بثابت ولكن أعفاه. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام:" واعفوا اللحى " فإن قلت: فقد ثبت قولهم: عفا أثره إذا محاه وأزاله فهلا جعلت معناه: فمن محي له من أخيه شيء؟ قلت: عبارة قلقة في مكانها والعفو في باب الجنايات عبارة متداولة مشهورة في الكتاب والسنة واستعمال الناس فلا يعدل عنها إلى أخرى قلقة نابية عن مكانها وترى كثيرا ممن يتعاطى هذا العلم يجترئ - إذا أعضل عليه تخريج وجه للمشكل من كلام الله - على اختراع لغة وادعاء على العرب ما لا تعرفه وهذه جرأة يستعاذ بالله منها.
الكشاف [جزء 1 - صفحة 410]
" حتى عفوا " كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم من قولهم: عفا النبات وعفا الشحم والوبر إذا كثرت. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " واعفوا اللحى ".
حكم مخالفة الصحابي لما رواه، وهل قول الصحابي حجة على كل حال:
قال الشافعي قدس الله روحه: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله: لم يحل له أن يدعها لقول أحد. [مدارج السالكين2/ 335]
الإحكام لابن حزم [جزء 2 - صفحة 157]
" فلا يحل لأحد ترك كلامه عليه السلام لفتيا جاءت عن صاحبي فمن دونه مخالفة لما صح عنه عليه السلام "
قال السمعاني في قواطع الأدلة [1/ 354 ط. الباز]
" واعلم أنه إذا ثبت الخبر فخلاف الصحابي أنه لا يوجب رده وترك العمل به، لأن الخبر حجة على كافة الأمة والصحابي محجوج به كغبره، قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) وقال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) وهذا وارد من غير تخصيص لبعض الأمة دون بعض، وقد روينا عن الصحابة أنهم تركوا اجتهادتهم وما صاروا إليه بقول الصحابة، وأما بغير الصحابي أولى، وهذا إذاً احتمال الخبر وجهين مثل ما فعله ابن عمر رضي الله عنهما في خبر المتبايعين، وأما تخصيص الصحابي، فلا يقبله ما لم يقم الدليل على التخصيص وهو مثل قول ابن عباس في المرتدة .. "
قال في المغني لا بن قدامة [جزء 2 - صفحة 525]
فكيف يترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم أو بقول صحابي أو غيره على أنهم لا يرون قول الصحابي حجة يترك بها قياس فكيف يتركون به الكتاب والسنة قال الزهري: لا أعلم شيئا نسخ حكم المؤلفة على أن ما ذكروه من المعنى لا خلاف بينه وبين الكتاب والسنة فان الغنى عنهم لا يوجب رفع حكمهم و إنما يمنع عطيتهم حال الغنى عنهم فمتى دعت الحاجة إلى إعطائهم أعطوا فكذلك جميع الأصناف إذا عدم.
منهاج السنة النبوية [جزء 1 - صفحة 498 وما بعدها]
ومن المحال أن يعارض إجماع الصحابة الذي ذكرنا عنهم والأثران الصحيحان المسندان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من لفظه بمثل هذين الأثرين الموقوفين على عمر وعائشة رضي الله عنهما مما لا تقوم به حجة ظاهرة من أن هذا الأثر خفي على عمر كما خفي عليه كثير من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كالاستئذان وغيره أو أنه أراد استخلافا بعهد مكتوب ونحن نقر أن استخلاف أبي بكر لم يكن بعهد مكتوب وأما الخبر في ذلك عن عائشة فكذلك أيضا وقد يخرج كلاهما على سؤال سائل وإنما الحجة في روايتهما لا في قولهما.
زاد المعاد [جزء 1 - صفحة 444]
¥