تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد أوضح الشيخ أبو محمد الجويني، حال موضع السعي، إيضاحاً شافياً، فذكر: أن الوادي الذي يسيل بالمطر هناك واقع في المسعى، وأن ما قبل بطن الوادي مَشْيٌ كُله، وما بعد الوادي مَشْيٌ كُله، والسعي ليس إلا في بطن الوادي، والوادي ليس بعميق حتى يتميز بطنه عن جادة السوق، فبنوا في سالف الدهر ميلاً على شفير الوادي من الجانب الذي لي الصفا، علامة لابتداء شدة السعي، وبنوا من الجانب الثاني ميلين أخضرين، أحدهما معلق بفناء المسجد الحرام، والآخر معلق بدار العباس، فكان السيل يحطم الميل الواحد الذي إلى جانب الصفا ويهدمه فيعاد، ثم يحطم ويعاد، وهو ميل صغير أخضر، فَنَحّوا ذلك الميل عن موضعه، وعلقوه على ركن جدار المسجد الحرام عالياً، فحصل بين موضعه القديمة وموضعه اليوم - يقصد في زمنه - من المسافة قدر ستة أذرع، فلهذا قال الشافعي - رحمه الله - ينزل من الصفا، ويمشي حتى يبقى بينه مبين الميل الأخضر المعلق على ركن المسجد قد ستة أذرع، ثم يسعى سعياً شديداً حتى يحاذي الميلين الأخضرين:

أحدهما: عن يمينه، وهو يقصد المروة، وهو الذي ألصق بدار العباس رضي الله عنه.

والثاني: عن شماله، وهو الذي ألصق بباب المسجد، وهو باب الجنائز.

وبينهما عرض السوق، فإذا حاذى هذين الميلين ترك المسعى، وابتدأ المشي إلى المروة، وأما مسافة المشي بين الصفا والوادي، فإنما هي خطوات يسيرة، ولعل مسافة العدو والمشي ضعف تلك الخطوات اليسيرة، أو قريب من ضعفها، وإنما الطول في مسافة المشي إلى المروة.

قال: وإذا عاد من المروة إلى الصفا، مشى حتى ينتهي إلى الميلين الأخضرين ويبتدأ منهما السعي، حتى يجاوز الميل الأخضر بقدر ستة أذرع إلى المكان الذي ابتدأ السعي في المرة الأولى.

http://www.bin-dehish.com/images/img/safa_old.jpg

صورة قديمة للصفا

وذكر ابن الشيخ أبي محمد، وهو الشيخ أبو المعالي- يقصد الجويني - صاحب: ((النهاية)) أنهم إنما وضعوا الميل الأخضر على ركن المسجد المذكور مع تأخره عن مبتدأ السعي بستة أذرع، لأنهم لم يجدوا على السَّمت أقرب من ذلك الركن.

وإن معنى قولنا حتى يحاذي الميلين الأخضرين: أن يتوسطهما، وأن رؤية الكعبة مع الصعود في المروة بالمقدار المشروع، وقد تعذر بما أحدثه الناس من الأبنية)) (1).

ولقد تحدّثَ عن درج الصّفا والمروة شهابُ الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله العمريّ الدّمشقيّ (ت749هـ) صاحب كتاب ((مسالك الأبصار في ممالك الأمصار))، وشرف الدّين أبو عبد الله محمد بن عبد الله المعروف بابن بطّوطة (ت779هـ). كما جاء في كتاب ((رحلة ابن بطوطة)) (ذكر الصّفا والمروة).

وتحدّثَ أيضاً الإمام تقي الدين أبو الطيب محمد بن أحمد بن عليّ الفاسي المكيّ المالكي (ت832هـ)، في كتابه ((شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام))، عن (توسعة المسجد الحرام وعمارته وذرعه).

وأضاف الفاسي قوله: الصّفا هو مبدأ السّعي، وهو في أصل جبل أبي قُبيس، على ما ذكره غير واحد منَ العلماء، ومنهم أبو عُبيد البكري والنوويّ، وهو موضع مرتفع من جبلٍ لهُ درج، وفيه ثلاثة عقودٍ، والدرج من أعلى العقود وأسفلها، والدرج الذي يصعد من الأولى إلى الثانية.

وذكر النجم عمر بن فهد (ت885هـ)، في كتاب ((إتحاف الورى بأخبار أمِّ القرى)): في حوادث (سنة 167)، مبدأ توسعة المسجد الحرام، وتحدث عن المسعى، وهدم ما كان بين الصفا من الدور.

وذكر الإمام أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي (ت 909هـ) في كتابه: ((حواشي الشرواني، وابن قاسم العبادي على تحفة المحتاج بشرح المنهاج)) قوله: ((فجرى على أن الدرج المشاهد اليوم في الصفا ليس شيء منه بمحدث، وأن سعي الراكب صحيح، إذا ألصق حافر دابته بالدرجة السفلى، بل الوصول لما سامت آخر الدرج المدفونة كاف، وإن أبعد عن آخر الدرج الموجود الآن باذرع، قال وفي هذا فسحة كبيرة لأكثر العوام، فأنهم [لا] (1) يصلون لآخر الدرج، بل يكتفون بالقرب منه، هذا كله في درج الصفا.

أما المروة فقد اتفقوا فيها على أن العقد الكبير المشرف الذي بوجهها هو حدها، لكن الأفضل أن يمر تحته، ويرقى على البناء المرتفع بعده)) (2).

http://www.bin-dehish.com/images/img/marwa_old.jpg

صورة قديمة للمروة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير