وفي سنة (1072هـ) أمر السلطان محمد الرابع (1058 – 1099هـ) بوضع ثمانية قناديل في المسجد بعد أن أمر بترميم المسجد (1).
ولقد وصف المسعى العديد من المصنفينَ ومنهم: إبراهيم رفعت باشا بن سويفيّ المصري (1353هـ)، والذي ولي إمارة الحج ثلاث مرات (1320و21و25)، وصنّف كتاب ((مرآة الحرمين))، والذي يدل على اطلاع واسع، ومعرفة دقيقة.
ووصف المسعى وتوسعة المسجد الحرام المؤرخ عبد الله بن محمد الغازي الهندي المكي (ت1356هـ)، في كتابه ((إفادة الأنام بذكر أخبار البلد الحرام))، وتحدثَ عن عمارته وتوسعته.
وكذا كتب الأستاذ محمد طاهر بن عبد القادر بن محمود الكردي المكيّ (ت1400هـ)، في كتابه ((التاريخ القويم لِمكة وبيت الله الكريم))، عن المسعى وتوسعته، وكان كتابته من أوسع الكتابات.
وكذا تحدّث الأستاذ أحمد محمد السباعيّ (ت 1404هـ) في كتابه ((تاريخ مكة))، عن المسعى وتوسعته، وغير ذلك من الكتابات الحديثية والفقهية، والتاريخية القديمة والمعاصرة التي تناولت وصف الصفا والمروة، والمسعى وتحدثت عن توسعة المسجد الحرام، والمسعى.
وفي العهد السعودي أمر الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (1293 - 1373هـ)، مؤسس الدولة السعودية رحمه الله تعالى في سنة (1345هـ)، بفرش المسعى بالحجارة منعاً لإثارة التراب والغبار، فسهل السّعي بعد رصف وتبليط المسعى، وأيضاً تسقيفه في عام 1366هـ، حيث بلغ عرض السقيفة التي أمر الملك عبد العزيز بإنشائها (20 متراً) وبطول (350 متراً) من الصفا وحتى المروة، ماعدا ثمانية أمتار متبقية لبلوغ المروة، مقابل باب علي وتركت لتكون بمثابة الميدان (1)، كما أسلفنا في ص (10) من هذا البحث.
وقد كان الساعون يجدون مشقة كبيرة في سعيهم بين الصفا والمروة، نتيجة إحاطة طرفي المسعى بالبيوت والدكاكين، التي أضاقت المسعى، بالإضافة إلى تعرج الطريق، واختلاط الساعين بأعداد كبيرة من المتسوقين، مما يشوش على الساعي ويوثر على روحانية المكان، ويسبب إزعاجاً كبير للساعين عند أدائهم لنسكهم.
وكان لوجود المباني المنتشرة حول المسجد الحرام، وضيق الطرق المؤدية إليه، وصعوبة دخول المسجد والخروج منه.
فضلاً عن تضاعف عدد الحجّاج والزوّار القادمين للحرمين الشريفين، مما جعل الحاجة ملحَّة إلى توسعة الحرم المكي توسعة تتلاءم والأعداد الكبيرة من الوافدين إلى البلاد المقدسة، فواكب ذلك اهتمام الدولة السعودية بتوسعة المسجد الحرام، والمسجد النبوي الشريف.
ولهذا أمر الملك سعود رحمه الله في عام 1368هـ بالبدء في توسعة شاملة لبيت الله الحرام وعمارته في ثلاث مراحل شملت إزالة المنشآت السكنية والتجارية التي كانت قائمة في الجهة المقابلة للمسجد شرق المسعى، وكان منها: المدرسة المحمدية الابتدائية، وكذلك إزالة المباني التي كانت قريبة من المروة، ثم بدئ في بناء الدور الأرضي من المسعى وإدخاله داخل المسجد الحرام، ومن ثم تم بناء الطابقين اللذين في المسعى واللذين سبق الإشارة إليهما لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الساعين، وبلغ طول المسعى (395 متراً)، وبعرض (20 متراً)، وبلغ ارتفاع الدور الأرضي للمسعى (11.75 متراً) والدور الثاني (8.5 متراً) مع إقامة حائط طولي ذي اتجاهين، وتخصيص مسار مزدوج يستخدمه العجزة الذين يستعينون بالكراسي المتحركة في سعيهم مع إقامة حاجز في وسط المسعى يقسمه إلى قسمين لتيسير عملية السعي. ونتيجة لهذه التعديلات والترميمات دمج المسعى داخل مباني المسجد الحرام.
ثم جرى حفر مجرى للسيل، صمم ليكون مغطى بعرض خمسة أمتار وارتفاع يتراوح مابين أربعة إلى ستة أمتار في المنطقة الواقعة من بداية جدار المسعى الشرقي، ويستمر في منطقة المسعى مما يلي باب الصفا وباب علي بمسافة (70 متراً تقريباً).
كما أنشئ للحرم 16 بابًا في الجهة الشرقية (ناحية المسعى)، كما تمّ إنشاء درج ذي مسارين لكلّ من الصّفا والمروة؛ خصّص أحدهما للصّعود والآخر للهبوط. كما أنشئ مجرى بعرض خمسة أمتار وارتفاع يتراوح ما بين أربعة وستة أمتار لتحويل مجرى السّيل الذي كان يخترق المسعى ويتسرّب إلى داخل الحرم، واستمرت هذه التوسعات والإنشاءات حتى عام 1383هـ.
¥