وفي عهد الملك خالد رحمه الله تم تركيب مكيفات صحراوية ومراوح عادية في المسعى لتقليل درجات الحرارة، ووقاية الساعين بين الصفا والمروة من شدة الحر، وتم أيضاً تركيب حواجز معدنية على جانبي الحاجز الأوسط بطول ممر السعي بالدور الأرضي بعرض متر واحد في كل اتجاه لتكون ممراً لعربات العجزة والمعاقين الراغبين في السعي من الحجاج والمعتمرين، وأيضاً تمت تغطية المنحدرات في منطقة جبلي الصفا والمروة برخام محفور مانع للانزلاق، وميسر للحركة صعوداً وهبوطاً للساعين (3).
وفي عهد الملك فهد رحمه الله شهد الحرمان الشريفان أكبر توسعة على مر التاريخ، فكانت توسعة عملاقة شهد بها القاصي والداني، ويسرت كثيراً على حجاج وزوار الحرمين، فكانت أكبر توسعة معتمدة على تكنولوجيات البناء الحديث، وزاد من مساحة الحرم، وساحات حول الحرم لاستيعاب الزيادة المطردة في جموع المصلين، مع تركيب مكيفات وثريات إضائية كبيرة وعملاقة ذات شكل جميل، وقد حظي المسعى باهتمام كبير ضمن هذه التوسعة فتم توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول تسهيلا للساعين؛ وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا، عام 1415هـ.
وفي عام 1417هـ تم أيضًا إعادة تهيئة منطقة المروة لغرض القضاء على الزحام في هذا الموقع، حتى صارت مساحة المنطقة (375) مترًا مربعًا بدلا من المساحة السابقة وهي (245) مترًا مربعًا.
وفي العام نفسه حصلت أيضًا توسعة الممر الداخل من جهة المروة إلى المسعى في الطابق الأول، وأُحدثت أبواب جديدة في الطابق الأرضي والأول للدخول والخروج من جهة المروة.
وفي العام التالي تم إنشاء جسر الراقوبة الذي يربط سطح المسجد الحرام بمنطقة الراقوبة من جهة المروة، لتسهيل الدخول والخروج إلى سطح المسجد الحرام. ويبلغ طول الجسر 72.5 مترًا، ويتراوح عرضه من عشرة أمتار ونصف إلى أحد عشر مترًا ونصف، وتم تنفيذه وفق أحدث التصاميم الإنشائية، وبما يتناسق مع الشكل الخارجي للمسجد الحرام، مع توسعة الممر الملاصق للمسعى الذي يستعمل للسعي بالطابق الأول في أوقات الزحام من منطقة الصفا إلى ما يقابل منتصف المسعى؛ حيث تمت توسعته، فأصبح عرضه تسعة أمتار وعشرين سنتيمترًا، ويبلغ طوله سبعين مترًا.
أراء العلماء واللجان في تعديل وتوسعة مسار المسعى:
أما عرض المسعى فأقدم من ذكر ذلك من المؤرخين:
1. الإمام أبو الوليد الأزرقي فإنه قال: عرض المسعى خمس وثلاثون ذراعاً ونصف (1).
2. وقال الإمام أبو عبد الله محمد بن إسحاق الفاكهي: عرض المسعى خمسة وثلاثون ذراعاً، واثنتا عشرة إصبعاً (2). ونقل ذلك عنه تقي الدين الفاسي (3).
3. وقال الشيخ باسلامة: وعرض المسعى: ستة وثلاثون ذراعاً ونصف (4).
4. وقال الشيخ محمد طاهر كردي: وعرضه 20 متراً (5).
أما عرض المسعى عند الفقهاء فلم أجد للحنابلة رحمهم الله تحديداً لعرضه.
وقال الإمام ابن قدامة رحمه الله: أنه يستحب أن يخرج إلى الصفا من بابه، فيأتي الصفا فيرقى عليه حتى يرى الكعبة (6).
وقال في الشرح الكبير: فإن ترك مما بينهما - أي بين الصفا والمروة - ولو ذراعاً لم يجزئه حتى يأتي به.
هذا كلامهم في طول المسعى، ولم يذكروا تحديداً لعرضه.
وقال الإمام النووي: قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فمن مرّ وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه، لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره، كالطواف، قال أبو على البندنيجي في كتابه ((الجامع)): موضع السعي بطن الوادي.
قال الشافعي في القديم: فإن التوي شيئاً يسيراً أجزأه ولو أعدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجزئه، وكذا قال الدرامي: إن التوى في السعي يسيراً جاز، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا (1).
وقال شمس الدين الرملي الشافعي: ولم أر في كلامهم ضبط عرض المسعى وسكوتهم عنه لعدم الاحتياج إليه، فإن الواجب استيعاب المسافة التي بين الصفا والمروة، كل مرة، ولو التوى في سعيه عن محل السعي يسيراً لم يضر. كما نص عليه الشافعي رحمه الله (2).
¥