تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي حاشية تحفة المحتاج شرح المنهاج بعد ذكر الإمام الشافعي رحمه الله، قال عَقِبه: الظاهر أن التقدير لعرضه بخمسة وثلاثين أو نحوها على التقريب، إذا لا نص فيه يحفظ عن السُّنة، فلا يضر الالتواء اليسير لذلك، بخلاف الكثير، فإنه يخرج عن تقدير العرض ولو على التقريب (3).

لقد أجمع العلماء على ضرورة السعي في المسعى جميعه، والمراد من ذلك ألا يترك أي جزء من المسافة بين الصفا والمروة بغير سعي فيه، فإن ترك جزءا ولو صغيرا بطل سعيه، حتى لو كان راكبا اشترط أن تضع الدابة حافرها على الجبل، ويجب على الماشي أن يلصق رجله بالجبل بحيث لا يبقي بينهما فرجة عند الشافعي. وقال غيره: لا يطلب إلصاق الرجل بجبل الصفا أو جبل المروة، إنما المطلوب هو ما يعتبر إتماما عرفا.

ولابد من الصعود على الصفا والمروة والذكر والدعاء عليهما كلما وصل إلى أحدهما، وأن يذكر الله تعالى ويدعو وهو عليهما بما أحب، والدعاء بالوارد أفضل، عن جابر بن عبد الله حينما روى حجة الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ثم خرج إلى الصفا، ثم قال ((نبدأ بما بدأ الله به) وقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ}، فرقى على الصفا حتى إذا نظر إلى البيت كبر ثم قال: ((لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، وصدق عبده، وهزم - أو غلب - الأحزاب وحده)) ثم دعا ورجع إلى هذا الكلام، ثم نزل حتى إذا انصبت قدماه في الوادي رمل حتى إذا صعد مشى حتى إذا أتى المروة فرقى عليها حتى إذا نظر إلى البيت قال عليها كما قال على الصفا (1).

ويسن إذا صعد على الصفا أن يستقبل الكعبة عند الذكر الوارد، عن نافع أنه سمع عبد الله بن عمر وهو على: الصفا يدعو ويقول: ((اللهم إنك قلت: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (2) وإنك لا تخلف الميعاد وإني أسألك كما هديتني إلى الإسلام ألا تنزعه منى حتى تتوفاني وأنا مسلم)) (3). والمرأة في كل ذلك مثل الرجل غير أنها تختار وقتا لا زحام فيه إن أمكن ذلك.

ويجب على الساعي المشي وعدم الركوب إلا لعذر، قال الشافعي وأحمد: المشي في السعي سنة، وقال الأحناف ومالك: هو واجب إلا لعذر كعدم القدرة على المشي، أو لتعليم الناس، كما فعل صلى الله عليه وسلم، والذي يظهر أن المشي سنة وليس واجباً.

ويمشي الساعي متمهلا حتى يصل إلى ما بين الميلين الأخضرين فيسن له الرمل إلا لعذر، ولا رمل على النساء. وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسرع بين الميلين، وكان يسمى ما بينهما: بطن الوادي. وله أن يخرج من باب الصفا، بعد الانتهاء من سعيه.

وخلال الأعوام 1374هـ، 1378هـ،1380هـ شكلت لجنة لدراسة وضع الصفا والمروة وإضافة دار آل الشيبي، ومحل الأغوات الواقعين بين موضع السعي، من كل من الشيخ عبد الملك بن إبراهيم، ووالدي الشيخ عبد الله بن دهيش، والشيخ عبد الله بن جاسر، والسيد علوي مالكي، والشيخ يحي أمان. وقد جاء من ضمن قرار اللجنة وحيثياته ما يلي:

((أنه في أوقات الزحمة عندما ينصرف الجهال من أهل البوادي ونحوهم من الصفا قاصدين المروة يلتوي كثيراً حتى يسقط في الشارع العام فيخرج من حد الطول من ناحية باب الصفا والعرض المقصود من البينية (بين الصفا والمروة) وحيث أن الأصل في السعي عدم وجود بناء، أن البناء حادث قديماً وحديثاً وأن مكان السعي تعبدي، وأن الالتواء اليسير لا يضر، لأن التحديد المذكور بعاليه للعرض تقريبي بخلاف الالتواء الكثير، كما تقدمت الإشارة إليه، فلا بأس ببقاء العلم الخضر موضوع البحث الذي بين دار الشيبي ومحل الأغوات لأنه أثري. والظاهر أن لوضعه معنى ولمسامتته ومطابقته الميلين بباطن الوادي مكان السعي، ولا بأس من السعي في موضع دار الشيبي لأنها على مسامتت بطن الوادي بين الصفا والمروة، على أن لا يتجاوز الساعي حين يسعى الشارع العام وذلك للاحتياط والتقريب ().

أن الصفا شرعاً هو: الصَّخرات الملساء التي تقع في سفح جبل أبي قبيس، ولكون الصخرات المذكورة جميعها موضع للوقوف عليها. وحيث أن الصخرات المذكورة لا تزال موجودة، وبادية للعيان، ولكون العقود الثلاثة القديمة لم تستوعب كامل الصخرات عرضاً فقد رأت اللجنة أنه لا مانع شرعاً من توسيع مكان الصعود بقدر عرض الصفا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير