تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبناءً على ذلك فقد جرى ذرع عرض الصفا ابتداء من الطرف الغربي للصخرات إلى نهاية محاذاة الطرف الشرقي للصخرات المذكورة في مسامتت موضع العقود القديمة، فظهر أن العرض يبلغ ستة عشر متراً، وعليه فلا مانع من توسعة مكان الصعود المذكور في حدود العرض المذكور على أن يكون الصاعد متجهاً إلى ناحية الكعبة المشرفة ليحصل بذلك استقبال القبلة، كما هو السنّة، وليحصل الاستيعاب المطلوب شرعاً)).

المقترحات:

ذكرنا فيما سبق الجهود المبذولة من حكومة المملكة العربية السعودية الرشيدة في العناية بالحرمين الشريفين، وبذل كل غالً في سبيل تذليل كل الصعاب التي تعترض حجاج بيت الله الحرام وزواره، خاصة وأن الأعداد التي تفد إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج والعمرة في زيادة مطردة تفوق كل التصورات، حتى أن المسجد الحرام الذي شهد أكبر توسعة في تاريخه قام بها الملك فهد رحمه الله يشهد ازدحاماً هائلاً - بالرغم من تلك الزيادة التي شهدها، والساحات التي وفرت لاستيعاب الحجاج والمعتمرين - وجميع الأماكن المقدسة في مكة والمشاعر تشهد ازدحاماً هائلاً، ومن ذلك المسعى بين الصفا والمروة.

وقد أجمع العلماء على ضرورة السعي في المسعى جميعه، والمراد من ذلك ألا يترك أي جزء من المسافة بين الصفا والمروة بغير سعي فيه، فإن ترك جزءاً ولو صغيراً بطل سعيه، حتى لو كان راكباً اشترط أن تضع الدابة حافرها على الجبل، ويجب على الماشي أن يلصق رجله بالجبل بحيث لا يبقي بينهما فرجة عند الشافعي. وقال غيره: لا يطلب إلصاق الرجل بجبل الصفا أو جبل المروة، إنما المطلوب هو ما يعتبر إتماماً عرفاً.

قال ابن عمر رضي الله عنهما: ((السعي من دار بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين)) (1)

فيفهم من قول ابن عمر أن تحديد المسعى إنما كان في مبتدئه ومنتهاه، ولم يتعرض لعرضه.

حتى أن فقهاء الحنابلة والشافعية لم يتعرضوا لعرض المسعى، فقال ابن قدامة: ((يستحب أن يخرج إلى الصفا من بابه، فيأتي الصفا، فيَرْقَى عليه حتى يرى الكعبة، ثم يستقبلها)) (2).

وجاء في الشرح الكبير: ((فإن ترك ما بينهما شيئا – أي مابين الصفا والمروة – ولو ذراعاً لم يجزئه حتى يأتي به)) (3).

فكلام أكثر الفقهاء كان على طول المسعى، وليس عرضه، فالواجب هو استيعاب المسافة من جبل الصفا إلى جبل المروة.

وحيث أن القاعدة الفقهية قد نصت على أن: ((المشقة تجلب التيسير)). وهذه من القواعد الكلية الكبرى في الفقه الإسلامي، ومعناها: أن الأحكام التي ينشأ عن تطبيقها حرج على المكلف، ومشقة في نفسه، فالشريعة تخففها بما يقع تحت قدرة المكلف واستطاعته دون عسر أو حرج، ولهذه القاعدة أدلة كثيرة من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول (4).

ومن فروع هذه القاعدة قاعدة شرعية أخرى هي: ((إذا ضاق الأمر اتسع)) وهذه مأثورة عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى (1).

وإذا كان الفقهاء قد جوزوا الطواف بالكعبة والسعي بين الصفا والمروة في الدور العلوي، فإني لا أرى بأس من الزيادة في العرض، إعمالاً للقاعدة الفقهية المنوه عنها سابقاً.

وقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد طاف بالبيت راكباً بعيره، ولم ينزل صلى الله عليه وسلم من على ناقته لاستلام الحجر الأسود بيده الشريفة، وإنما كان يشير بمحجن كان في يده إلى الحجر، ثم يقبل المحجن، وكان معه عبد الله بن رواحة آخذ بزمام ناقته وهو يقول:

خلوا بني الكفار عن سبيله

نحن ضربناكم على تأويله

ضربا يزيل الهام عن مقيله

قال ابن سعد: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي قال أخبرنا أشياخنا أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف على ناقته (2).

وعن معروف بن خربوذ قال سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه، ويقبل المحجن (3).

فدل ذلك إلى أن العصا التي كانت بيده الشريفة كانت وسيلة اتصال بينه وبين الحجر الأسود، فقد كان يستلم بها الحجر، ثم يقبل العصا صلى الله عليه وسلم، وكل ذلك من باب التيسير على المسلمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير