تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوقفة الثانية:

معلوم أن الحرم كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتجاوز بعض صحن المطاف اليوم ولا زال الخلفاء والحكام على مدار التاريخ يوسعون فيه لحاجة الناس وتزايد أعدادهم وأكبر توسعة حصلت في تاريخ المسجد الحرام حتى يومنا هذا هي توسعة الحكومة السعودية وفقهما الله.

وكل زيادة في مساحة المسجد تعتبر شرعاً داخله فيه إذا القاعدة عند الفقهاء (أن الزيادة لها حكم المزيد) (وما بين الشرق والغرب قبله) فلو أدخلت بعض أحياء مكة في الحرم لكانت مسجداً.

الوقفة الثالثة:

طول المسعى هو ما بين جبل الصفا –وهو جبل أبي قبيس- والمروة وهو جبل قيقعان. والجبلان معروفان يشاهد كل الناس أجزاء منها بادية للعيان حتى بعد التوسعات المتكررة فمسافة المعسى في الطول معلومة عند الفقهاء والمؤرخين فالفقهاء نصوا على وجوب استيعاب الساعي مسافة ما بين الجبليين فقط ولا يلزم صعودهما.

أما المؤرخون فيحددون ما بينهما بالأذرع والأصابع أحياناً.

يقول المؤرخ الثقة أبو الوليد الأزرقي تـ (340) هـ في كتابه أخبار مكة (2/ 95) ( ... وذرع ما بين الصفا والمروة سبعمائة ذراع وستة وستون ذرعاً ونصف ذراع (766.5) وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذاءه على باب دار العباس بن عبد المطلب وبينهما عرض المسعى: خمسة وثلاثون ذراعا ونصف (35.5) ومن العلم الذي على دار العباس إلى العلم الذي عند دار ابن عباد الذي بحذاء العلم في حد العمارة بينهما مائة ذراع وواحد وعشرون ذراعاً (121) قلت: وهذا طول المسيل أو الوادي الذي يرمل فيه بين العلمين.

وذكر البكري تـ (487) هـ في كتابه (المسالك والممالك) (1/ 309): أن طول المسافة ما بين العلمين في المسعى هي (112) ذراعاً أي بما يقل عما حدده الأزرقي بـ (9) أذرع.

واختلف المؤرخون في تقدير ما زاد على الذراع في ما بين الصفا والمروة أو ما بين العلمين فمحمد بن إسحاق الفاكهي: يقدر نصف الذراع بـ (20) إصبعا. وقدر البكري نصف الذراع في عرض المسعى بـ (12) إصبعا في حين أن الأزرقي اكتفى بذكر نصف الذراع مجمل دون تحديده بالأصابع.

الوقفة الرابعة:

وجدت في مصنف ابن أبي شيبة صـ (260) قولا لإمام مجاهد ابن جبر تلميذ ابن عباس رضي الله عنه يقول في ما بين العلمين في المسعى: (هذا بطن المسيل الذي رمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن الناس انتقصوا منه) وذكر الإمام ابن كثير تـ (774) هـ في كتابه البداية (وقال بعض العلماء: ما بين هذه الأميال أوسع من بطن المسيل الذي رمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فإذا كان مجاهد ابن جبر يرى أن الناس في زمنه انتقصوا من مساحة بطن الوادي –الذي يرمل فيه- وابن كثير بعد أكثر من سبعمائة سنة يرى أن الناس وسعوا من مساحة بطن الوادي.

الوقفة الخامسة:

وإذا كان عرض المسعى كما قال الأزرقي (35.5) خمسة وثلاثون ذراعا ونصف الذراع وإذا كان (المتر) في قياسنا اليوم يساوي ذراعين تقريباً فعرض المسعى الحالي يقرب من (ثمانية عشر متراً) أو تزيد. وزيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وفقه الله تقرب من عشرين متراً مع عرض الجدار.

الوقفة السادسة:

لما عرض أمر التوسعة على هيئة كبار العلماء اختلف اجتهادهم في كيفية هذه الزيادة لا في أصلها فمنهم من منع الزيادة في عرض المسعى ورأى أن تكون الزيادة رأسياً بزيادة الأدوار. ومنهم من أجاز الزيادة الأفقية في عرض المسعى وهو الذي عليه جرت توسعة خادم الحرمين الشريفين الحالية. ويظهر لي والله أعلم أن الصواب مع من أجاز توسعة المسعى في عرضه لا في بناء أدوار علياء لمبررات منها:

1 - أن تحديد عرض المسعى ليس فيه دليل نصي يوقف عنده بل كل ما نص عليه العلماء هو وجوب الاستيعاب في السعي طولا ما بين جبلي الصفا والمروة. أما عرضه فلم يشر إليه أحد من علماء المذاهب فيما اطلعت عليه. أما المؤرخون فمختلفون في تحديده فما حكاه ابن كثير رحمه الله يخالف قول مجاهد ابن جبر رضي الله عنه. في حين أن ابن كثير يرى أن الناس وسعوه ومجاهد يرى أنهم ضيقوه. ولو كان هناك نص في تحديد عرض المسعى يوقف عنده ما وقع الخلاف.

2 - أن جبلي الصفا والمروة في أصلهما أطول وأعرض مما نشاهده في المسعى قبل توسعة الملك عبد الله الحالية.

3 - وعلمت أن جماعة من كبار السن والخبرة من سكان مكة أثبتوا شهادتهم في المحكمة الشرعية بمكة المكرمة بأن جبلي الصفا والمروة أعرض وأكبر وأنهما ممتدان من الجهة الشرقية، ومن هؤلاء الشهود من كان بيته على الصفا وبعضهم على المروة.

4 - وأخيراً إن توسعة الملك عبد الله الحالية في الدور الأرضي هي أولى من بناء أدوار عليا فالسعي في الدور الأرضي أسهل على الحجاج والمعتمرين إذ الصعود للأدوار حيث لا يستطيع الصعود كبار السن والعجزة والنساء حتى مع وضع السلالم الكهربائية وهي معرضة للأعطال والزحام فالتوسعة الحالية هي عين الصواب. والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير