ـ[حامد الحجازي]ــــــــ[13 - 03 - 08, 09:04 ص]ـ
رفع الأعلام بأدلة جواز توسيع عرض المسعى المشعر الحرام
د. عويّد بن عياد المظرفي 4/ 3/1429
12/ 03/2008
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد عبد الله ورسوله الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأزواجه أمهات المؤمنين، وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فإن الله عز وجل قد فرض على عباده المؤمنين فرائض معلومة، وجعل لأدائها أوقاتاً زمانية، ومعالم مكانية سماها لهم ليؤدوا له فيها ما فرض عليهم أداءه فيها من عبادة على الوصف الذي شرعه في المكان الذي سمَّاه وعَّينه.
وكان من هذه الفرائض المشروعة على كل حاج ومعتمر السعي بين الصفا والمروة اللذين سماهما الله عز وجل في كتابه الكريم، فقال:"إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حجَّ البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطَّوَّف بهما" [البقرة:158].
وهذا صريح في إيجاب التطوف بهذين المعْلَمَين اللذين هما من معالم الحج والعمرة، ومناسكهما في هذه البلاد المقدسة التي جعلها الله تعالى مهوى أفئدة عباده المؤمنين، ولا يتم حج ولا عمرة إلا بالتطوف بهما كما أمر الله في هذه الآية الكريمة.
وأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر تأكيداً، وتبليغاً فقال:"يا أيها الناس اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" (الأم للإمام الشافعي 3/ 545، والسنن الكبرى للبيهقي 5/ 98، وسنن الدارقطني 2/ 256)، وقد أدى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الشعيرة المفروضة في حجه، وعمراته التي اعتمرها في حياته المباركة في الموضع الذي عيَّنه الله عز وجل له في هذه الآية الكريمة، وعلى الوصف الذي شرعه الله له، وأمر أصحابه الكرام، وجميع المؤمنين من بعدهم بالاقتداء به في أقواله وأفعاله في خصوص هذه الشعيرة في التطوف بين الصفا والمروة المذكورين في هذه الآية الكريمة بقوله صلى الله عليه وسلم لهم:"خذوا عني مناسككم" (شرح السنة للبغوي 7/ 176 بنحوه)، لكونه صلى الله عليه وسلم المبلِّغ عن الله، والأسوة الحسنة للمؤمنين في كل أقواله وأفعاله وأحواله الشريفة وحياته المباركة.
صورة قلمية لما كان عليه جبل الصفا وما طرأ عليه من تطور:
معلوم علم اليقين لكل ذي لب وفكر وكل ذي وعي، ومتابعة لحركة الانتشار السكاني، والتكاثر الإنساني، والتطور الحضاري والبناء العمراني أن المسعى الذي يقع شرق الكعبة المشرفة بين جبلي الصفا والمروة قد تطاولت عليه أيدي الناس على طول الزمان ببناء دورهم ومنازلهم على جانبيه الشرقي والغربي، وطرفيه الجنوبي والشمالي، فأحالوا سعته وانفساحه ضيقاً، وحرجاً، فاختلط الساعي لنسكه فيه تعبداً لربه بالمتسوق، والمتّجر، والقاطنين على جوانبه من كل جهاته، حتى هيأ الله عز وجل آل سعود حكام هذه البلاد المباركة عام 1375هـ فأسفروا وجهه، وأزاحوا عنه ما أساء إليه، وإلى المؤدين مناسكهم فيه من الحجاج والمعتمرين الذين جعله الله لهم منسكاً ومتعبداً، فأخلصوه لذلك حقاً جزاهم الله خيراً.
وعاد المسعى بذلك ظاهراً للعيان متسعاً عما كان عليه من قبل، وظهرت ساحاته متنفساً لحجاج وعمار بيت الله الحرام، والمتعبدين فيه، بيد أن أعداد الحجاج والمعتمرين أخذت تزداد عاماً بعد عام، واشتدت رغبة المسلمين من أقطار الأرض في أداء فريضة الحج والعمرة لما وفرته لهم هذه الدولة الكريمة من سبل الرعاية الأمنية والصحية، ويسر في المواصلات وتوفير للاتصالات والسكن، وأمن وأمان في التنقل بين المشاعر المقدسة، وما يؤدي إليها من سبل، وبينها وبين المدينتين المقدستين مكة المشرفة والمدينة النبوية المنورة، فضاقت بكثرتهم وجموعهم الأماكن والمعالم الشرعية، واكتظت بهم الساحات، ووطئ بعضهم بعضاً في أماكن التعبد ومعالم المناسك التي أمرهم الله بالسعي فيها بعد أن كانت بعد التوسعة السعودية الآنفة الذكر فضاءً مفتوحاً تتسع لمن وفد إليها من حجاج وعمار، فاحتاج الحال إلى النظر في توسعة أخرى تيسر للمسلمين أداء سعيهم وتضمن سلامتهم.
¥