تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يمينا ولا يسارا، ولم يقل احد قط بل ولم يتصور أن يكون هذا المسعى المحدود، هو الطريق الشرعي التعبدي وحده، الذي لا يجوز الخروج عنه يميناً ولا يساراً.

ثم لما احتاج المسلمون اليوم بعد هذه الزيادات المضطردة في عدد الحجاج، والمعتمرين، وصدر الأمر الحكيم من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - بهذه التوسعة، كان هذا الرأي في غاية الصواب والرحمة بالعباد، واداء النسك قريباً مما كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعمل المسلمين طوال القرون السابقة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يضرب للناس حدا معيناً لا يتجاوزونه في سعيهم بين الصفا والمروة يمنة ويسرة، وانما صح عنه صلى الله عليه وسلم انه اتى الصفا فرقى عليها وقال (نبدأ بما بدأ الله به) وتوجه إلى الكعبة داعياً رافعاً يديه، ثم نزل من الصفا متجهاً إلى المروة، فلما انصب قدماه في بطن الوادي رمل، حتى إذا اتى المروة رقى عليها، وتوجه إلى الكعبة ودعا، ثم نزل متجهاً إلى الصفا، فعل ذلك سبعة اشواط، وكان المسلمون حوله عشرات الألوف يأتمون به، ويعملون بعمله، ولا يتصور ان عشرات الالوف الذين كانوا مع النبي ساروا في سعيهم في طريق مخصوص، لا يتعدونه يمنة ولا يسرة، وانما الذي يتصور ان عرض هذه الجموع ربما كانت تزيد على نحو مائة متر أو اكثر بمقاييسنا، ثم ان هذا الذي درج عليه المسلمون في كل عصورهم، ولم يقل احد منهم قط انه يجب لمن يسعى بين الصفا والمروة أن يسير في طريق محدد لا يتعداه، بل الواجب ان تلامس قدم الساعي جبل الصفا، وان تلامس المروة، واما في اثناء السعي فلو توسع الناس وهم سائرون عرضا فان هذا لا يبطل سعيهم.

فكيف يكون توسعة المسعى، الذي بني اصلا على خلاف ما كان معهوداً منذ زمن النبي إلى يوم البناء على المسعى هو المتعين شرعاً، وان من سعى في توسعة هذا المسمى كان سعيه باطلا.

ومن أجل ذلك، أناشد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - ان يمضي قراره بهذه التوسعة فان هذا اقرب للسنة، وأكثر رحمة بالأمة، واسأل الله ان يبارك عمله الجليل في تيسير سبل الحج والعمرة للمسلمين، وان يبقى له هذا ذخراً إلى آخر الدنيا.

وأناشد اساتذتي أصحاب الفضيلة المشايخ من هيئة كبار العلماء وغيرهم، ممن افتوا بان هذه التوسعة خلاف السنة، ان يراجعوا فتواهم فانها حتما بخلاف الحق والصواب، فان الله سبحانه وتعالى عندما شرع لعباده السعي بين الصفا والمروة، قال تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فان الله شاكر عليم)، ولا شك ان كل من أتى إلى الصفا، ولامست قدماه شيئاً منها ثم انحط منها إلى المروة، ولامست قدماه شيئاً منها، وفعل ذلك سبعاً يكون قد اتى بما أمر الله تبارك وتعالى به، واتبع رسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولم ينقل قط ان هناك من حد للناس حداً لا يتعدونه في طوافهم بين الصفا والمروة.

كما وارجوهم ان نظروا بعين الرحمة والشفقة على المسلمين حجاجاً ومعتمرين وكيف انهم كانوا يحشرون في البناء القديم دون ان يكون هناك أمر من الله أو من رسوله صلى الله عليه وسلم بهذا الحشر، وانما كان البناء القديم شيئاً من المصالح المرسلة، وكان رفقاً بالناس في وقته، واما اليوم فلم يعد البناء حول المسعى رفقا بعد ان زادت اعداد الحجيج والمعتمرين هذه الزيادة فكيف تجعل المصلحة المرسلة واجباً محتماً مستمراً، وقد علم انه قد زالت هذه المصلحة، وأصبح وجودها مفسدة عظيمة محققة، فازالة الحاجز أصبح اليوم هو المصلحة التي يجب المصير اليها، ولا يجوز خلافها.

ومن رحمة الله بالأمة أن هيأ خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - لاتخاذ هذا القرار الحكيم في هذا الوقت، فنسأل الله ان يجزيه خيراً عن الإسلام والمسلمين، ونسأل الله لعلمائنا ومشايخنا الاماجد ان يوفقهم الله إلى كل خير وبر والحمد لله رب العالمين.

الدكتور صلاح الأمين .. الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة في أمريكا عن جهود المملكة العربية السعودية في خدمة الحرمين الشريفين وعلى رأس هذه الجهود جهود الملك عبدالله بن عبدالعزيز في خدمة الإسلام والمسلمين بشكل عام وفي توسعة المسعى فقال:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير