تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سماحة المفتي العام للديار السعودية ورئيس قضاتها العلامة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ - رحمه الله - وقرارات اللجان المشكلة لذلك حينها، كما وقفت على تقريرات عدد من المعاصرين وبحوثهم في هذه المسألة، والتقيت بفضيلة القاضي الذي سمع اقوال المحددين للصفا والمروة في محكمة مكة وسمعت منه ما انتهى اليه من قناعة في هذه المسألة، واطلعت على ما مال اليه الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي - رحمه الله - من جواز التوسعة كما في الأجوبة النافعة، وكذا اطلعت على أقوال المشايخ المعاصرين من علمائنا الكرام المانعين من التوسعة كغالبية اعضاء هيئة كبار العلماء في المملكة والمجوزين للتوسعة كالشيخ ابن جبرين وابن منيع وغيرهما كما وقفت شخصيا على المسعى بعد توسعته وكشف الصفا وعروقه والمروة بشواهدها القائمة، وفي ضوء ذلك كله تلخص لدي بعد التمحيص والنظر والمراجعة الحقائق التالية:

1 - ان من المتفق عليه بين أهل العلم ان السعي الشرعي في النسك هو ما كان بين الصفا والمروة لقوله تعالى: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم (158) البقرة: (158).

2 - كما أن المتفق عليه من أهل العلم أن السعي لا يصح إلا في موضع السعي وهو الواقع بين الصفا والمروة وبدون ذلك لا يعتبر الناسك مؤديا للسعي في نسكه.

3 - كما أن المتفق عليه بين الباحثين في هذه المسألة ان تحديد عرض المسعي بأذرع محددة كخمس وثلاثين ذراعا تزيد أو تنقص وهو امر حادث بعد عصر النبوة والصحابة والتابعين، ولم يقل به الجمهرة من الفقهاء المتقدمين وكثير من المتأخرين، وغاية قولهم: إن شرط صحة السعي لا يكون في موضع السعي - بين الصفا والمروة -.

4 - كما ان كثيرا من المؤرخين لمكة والمشاعر يذكرون حصول هدميات وازالات كثيرة ومتعاقبة على جبلي الصفا والمروة، مما اثر في تغير معالمهما القديمة.

5 - وقد تقرر شرعا عند محققي اهل العلم ان المطلقات في الشريعة لا يجوز تحديدها الا بالاستناد الى دليل، والدليل يكون شرعيا من الوحي وينزل على مورده في الحس والواقع ان انيط به، وادراك ماهية الصفا والمروة وما تنتهي اليه من جنس ذلك لربط السعي بهما، وهما قائمان في الحس والواقع.

6 - وقد لاحظت ان الباحثين في ماهية الصفا والمروة وتحديد كنههما يتفقون في الجملة على أن الصفا والمروة تمتد شرقا الى ما يجاوز التوسعة الجديدة التي امر بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ال سعود - ايده الله بالحق.

7 - كما ظهر لي ان ظواهر الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم لا تمنع من التوسعة للمسعى ما دامت التوسعة مندرجة في مشمول ما بين الصفا والمروة وان القائلين بالتحديد لا دليل معهم كما حرره الرملي والشربيني وابن سعدي وغيرهم.

صحة التوسعة

وفي ضوء ذلك، واستنادا الى خلو المسألة من نص يقضي بالتحديد بالأذرع ونحوها، ولأن العبرة بما دل عليه الدليل الشرعي، والدليل لا ينفي صحة التوسعة الجديدة الحاصلة للمسعى، وهي مندرجة في مشمول البينية بين الصفا والمروة، ويعد السعي فيها سعيا في موضع السعي المنصوص شرعا، ولكون المسألة في التحقيق لا يعارضها معارض راجح. ومن المتقرر شرعا التوسعة على المسلمين في مواضع الحاجة، وان الامر اذا ضاق اتسع، وان لولي الأمر في مسائل الخلاف الأخذ بأحد القولين لا سيما ما كان فيه التيسير على الأمة، إذ هو المشروع لقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (البقرة: 185) وقوله سبحانه (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (الحج: 78) وقوله جل ذكره: (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) (المائدة: 6) وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري في الصحيح: (إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد الا غلبه) وقوله (بعثت بالحنيفية السمحة) وقد قرر أهل العلم ان ولي الامر اذا اخذ بأحد القولين الذي له مدرك سائغ صحيح في الشريعة فله الزام الكافة به ومنع الفتيا بخلافه كما هو معلوم في مظانه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير