تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 – أن النصوص إنما وردت بمشروعية السعي بين الصفا والمروة فما كان خارجاً عنها فإنه ليس بينهما، والساعي خارج المسعى لا يصدق عليه أنه ساعٍ بينهما، وقد اتفق العلماء على أنه لا يصح أن يكون جميع الشوط أو غالبه خارج مكان السعي.

ويناقش هذا بأن ما ذكرتموه مسلَّم، فلا يصح السعي في ما كان خارجاً عن حدود الصفا والمروة، ولكن الصفا والمروة أوسع من هذا المكان المشاهد، فإذا سعى الساعي خارج المسعى القديم من جهة الشمال الشرقي والجنوب الشرقي فيما كان داخلاً في حدود الصفا والمروة الحقيقية فإن سعيه صحيح لأنه قد جاء بما طُلب منه.

3 – أنَّ الألف واللام في كلمة (المسعى) للعهد، والمكان المعهود للسعي هو المكان المهيَّأ لذلك اليوم، قال ابن جرير الطبري في تفسيره (2/ 44): «إنما عنى الله تعالى ذكره بقوله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ} في هذا الموضع الجبلين المسميين بهذين الاسمين الذين في حرمه دون سائر الصفا والمروة، ولذلك أدخل فيهما الألف واللام ... ».

ويناقش هذا بأنه لا يوجد دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع على أن المكان المعهود للسعي هو هذا المكان المحاط اليوم بالأسوار، لأنه قد ثبت أن المسعى كان أوسع من ذلك في عهد النبي ?، وفي عهد الخلفاء الراشدين ممتداً إلى الجنوب، كما تقدم، وما ذكره الإمام ابن جرير لا يدل على هذا المعنى المدعى لأنه لم يقل وإن مكان السعي هو هذا الموضع المحدد الآن، وإنما ربطه بالجبلين المسميين بهذين الاسمين في الحرم، فكل ما كان داخلاً فيهما فهو من المسعى، وإنما المقصود به ما كان خارجاً عن الحرم من الجبل، التي يصدق عليها أنها صفا أو مروة، فليس السعي جائزاً بين كل ما يسمى صفا أو مروة، وإنما هو مخصوص بهذين الجبلين، فالألف واللام لجبلي الصفا والمروة المعهودين وليستا لخصوص الموضع المدعى.

4 – أن المسعى يحكم عرضه عمل القرون المتتالية من عهد النبي عليه الصلاة والسلام إلى عهدنا الحاضر، وهو يخصص جواز السعي بهذا المكان.

وهذا يناقَش بما تقدم من أن المسعى في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وعهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إلى ما بعد منتصف القرن الثاني الهجري كان أوسع من ذلك، وكان يمر داخل المسجد، فنقله المهدي العباسي خارج المسجدالمعروف ليوسع المسجد، وقد حدثت أبنية عديدة ملاصقة لجدر المسجد اقتطعت جزءاً من مساحة المسعى وبقي الحال على ذلك إلى عهد الزيادة السعودية الأولى، حيث أزيلت تلك المباني ووسع في عرض المسعى الحالي عما كان عليه فيما مضى، وبهذا يتبين أنه ليس هناك إجماع عملي تناقلته الأمة على أن السعى لا يجوز في غير هذا المكان المحدد مما كان داخلاً في حدود الصفا والمروة.

5 – أنه قد صدر أمر بتشكيل لجنة من عدد من العلماء أهل الدراية والمعرفة للنظر في حدود المسعى مما يلي الصفا، وقد توصلت اللجنة إلى أنه يجوز السعي في موضع دار الشيبي المزالة لأنها بطن الوادي بين الصف والمروة، على ألا يتجاوز الساعي حين يسعى من الصفا أو يأتي إليه ما كان بين الميل والمسجد مما يلي الشارع العام، وذلك للاحتياط والتقريب، وقد أقر ذلك سماحة المفتي، كما أنه قد صدر أيضاً قرار آخر من سماحة المفتي رحمه الله إلى الملك بما تقرر لديه ولدى عدد من المشايخ المشاركين معه يؤكد أن عرض المسعى المتيقن مما يلي الصفا هو المحل المحجور بالأخشاب في أسفل الصفا، ما عدا فسحة الأرض الواقعة على يمين النازل من الصفا فإنه لم يتحقق لديهم أنها من الصفا، وهذا ما أخذت به التوسعة السعودية الأولى للمسعى، وعلى هذا فما كان خارجاً عنه فليس منه.

ويناقش هذا بأن الأدلة الشرعية ربطت السعي بالصفا والمروة فكل ما تحقق كونه منهما جاز السعي فيه، وقرار اللجنة الأولى، وقرار اللجنة الثانية، إخبار عما ترجَّح لديهما وليس نصَّاً قاطعاً في المسألة لا تجوز مخالفته، بدليل قول اللجنة الأولى في قرارها (وذلك للاحتياط والتقريب)، وقول اللجنة الثانية: (إن فسحة من الأرض والواقعة على يمين النازل من الصفا لم يتحقق لديهم أنها من الصفا)، وهذا ورعٌ منهم رحمهم الله اقتضى الوقوف عند حدود علمهم فإذا تبين وظهر لغيرهم أن هذه الفسحة وما وراء ها داخلة في حدود الصفا بدليل يركن إليه، فإنه لا يسوغ العدول عنه حينئذٍ، ويجب عليهم العمل بما ظهر لهم ولم يظهر لغيرهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير