تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - التغيير الذي حدث للمسعى بنقله أو جزء منه إلى الجهة الشرقية استنفذ جميع المساحة المتبقية بين الجبلين، يدل على ذلك أنهم هدموا أكثر دار ابن عباد – وهي بأصل جبل أبي قبيس – إلا ما لصق منها بجبل أبي قبيس. ومما يؤكد هذا الفهم أن العلماء –مع تسليمهم بجواز السعي في المكان الجديد، واعتباره موضعاً للسعي – لم يجيزوا السعي وراءه. قال النووي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 76):" قال الشافعي والأصحاب: لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه، لأن السعي مختص بمكان، فلا يجوز فعله في غيره كالطواف " والظاهر أن المقصود بالمكان: ما بين الصفا والمروة. فدل قوله: " فلو مر وراء موضع السعي في زقاق العطارين ... إلخ " على أن ذلك المكان لا يقع بين الصفا والمروة. وقد تتابع علماء الشافعية على ذلك، ولا يعرف لهم مخالف من المذاهب الأخرى.

5 - ظهر معلم في الجهة الشرقية من المسعى، يحدد المكان الذي يبدأ منه السعي الشديد من أقبل من المروة إلى الصفا، ولم أقف على من ذكره كعلامة على السعي الشديد قبل توسعة المهدي. قال الأزرقي (2/ 222 - 223): " وللعباس بن عبدالمطلب أيضاً الدار التي بين الصفا والمروة، التي بيد ولد موسى بن عيسى، التي إلى جنب الدار التي بيد جعفر بن سليمان، ودار العباس هي الدار المنقوشة التي عندها العلم الذي يسعى منه من جاء من المروة إلى الصفا". قال الأزرقي (2/ 111): " وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس بن عبدالمطلب، وبينهما عرض المسعى: خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ". وبقي هذا المعلم إلى توسعة الملك سعود، ولذلك يذكره الفقهاء عند تحديد مكان السعي الشديد، كما يذكره الذين يقيسون عرض المسعى. ومما سبق يتأكد لنا أن المسعى بقي على حاله دون تضييق أو توسيع، من بعد توسعة المهدي الثانية إلى توسعة الملك سعود.

ثالثاً: الحد الشرقي للمسعى في التوسعة السعودية في عهد الملك سعود

مر معنا أن دار العباس بن عبدالمطلب بقيت إلى التوسعة السعودية، وفي هذا يقول محمد طاهر الكردي في كتابه " التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم" (2/ 77 - 78):" دار العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم، كانت بالمسعى بين باب علي وبين باب النبي، وهذه الدار أصبحت رباطاً يسكنه الفقراء من القرن العاشر الهجري. ثم في عصرنا هذا في أواخر شهر جمادى الثانية سنة 1376هـ ست وسبعين وثلاثمائة وألف، هدمت هذه الدار لتوسعة المسجد الحرام والشوارع. وكانت إلى هذه الدار ينتهي حد المسعى عرضاً من جهة الباب العباسي، أحد أبواب المسجد الحرام المقابل لهذه الدار، وهذا الباب كان واقعاً بين باب النبي وباب علي، وكان في هذه الدار من جهة المسعى أحد العلمين الأخضرين، اللذان وضعا علامة لانتهاء الهرولة في السعي لمن جاء من الصفا، فهدم هذا العلم تبعاً لهدم الدار، وإن شاء الله تعالى سيوضع علمان آخران في موضعهما تماماً للغرض المذكور، ولقد بني أمام هذه الدار مظلة المسعى، وهي مبنية بالإسمنت والحديد، ليستظل تحتها الساعي، فلا يتأذى من الشمس ". وبعد ذلك حصلت التوسعة المعروفة، وبني الجدار الشرقي، فكان حداً للمسعى من الجهة الشرقية. وإذا كان قد روعي في بناء الحد الشرقي للمسعى المعالم السابقة، فإن الذي يهمنا الآن علاقة ذلك بالحد الشرقي للصفا، وهو موضوع الفقرة التالية.

رابعاً: الحد الشرقي للصفا

كان موضع الوقوف على الصفا غير مستوعب له عرضاً، وينتهي شرقاً بطرف العقود الثلاثة القديمة، وقد هدمت تلك العقود في شهر شوال عام 1377هـ (انظر التاريخ القويم للكردي 5/ 123)، ولذلك كان الساعي عندما ينزل من الصفا، يلاحظ اتساع مكان السعي شرقاً. وقد كان ضيق مكان الوقوف سبباً في عمل مصعدين شرقي وغربي للصفا، وشكلت لجنة لبيان الحكم الشرعي في ذلك (وتفصيل قرار اللجنة في فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم: 5/ 147 - 149)، وفيما يأتي المقصود منه: " في يوم الثلاثاء الموافق 10 - 2 - 1378هـ اجتمعت اللجنة المكونة من كل من الشيخ عبدالملك بن إبراهيم، والشيخ عبدالله بن جاسر، والشيخ عبدالله بن دهيش، والسيد علوي مالكي، والشيخ محمد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير