لأنك تقوله للرجل وهو يسعى في الأرض وليس هذا باشتداد ..... ".
وقال الفيومي (ت 770هـ): " وسعى في مشيه هرول".
وقال الفيروز آبادي (ت 817هـ):" سعى يسعى سعياً، كرعى: قصد، وعمل ومشى وعدا .. ".
وفى تاج العروس: " وسعى إذا مشى زاد الراغب بسرعة، ومنه أخذ السعي بين الصفا والمروة، وسعى إذا عدا، وهو دون الشد وفوق المشي، وقيل السعي الجري والاضطراب كل ذلك ذكره ابن الأعرابي ..... وقال الراغب: أصل السعي المشي السريع ويستعمل للجد في الأمر خيراً كان أو شراً .. ".
2 - وفي الاصطلاح:
هو المكان أو الموضع الذي يطوف فيه الحاج والمعتمر بين جبلي الصفا والمروة لأداء شعيرة السعي.
و السعي يطلق على المشي وعلى الجري والهرولة في مكان مخصوص قال البكري (ت 487 هـ) مبيناً ذلك: وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم في طوافه بينهما ـ الصفا والمروةـ يمشي حتى إذا نصبت قدماه في بطن الوادي سعى ". .
والطواف يطلق على السعي والمشي بين الصفا والمروة، ففي التنزيل: (إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح أن يطوف بهما).
الروايات التي عول عليها الفقهاء في تحديد عرض المسعى:
عول الفقهاء في تحديد عرض المسعى على روايات تاريخية أهمها الروايات الآتية:
أ - رواية أبي الوليد الأزر قي:
قال الأزرقي محدداً عرض المسعى: "وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب دار العباس
ابن عبد المطلب، وبينهما عرض المسعى، خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف ".
والشاهد هو قوله: " وبينهما عرض المسعى خمسة وثلاثون ذراعاً ونصف " أي ما يعادل ثمانية عشر مترا تقريبا ..
ب - رواية أبي عبد الله الفاكهي:
قال الفاكهي: " وذرع ما بين العلم الذي على باب المسجد إلى العلم الذي بحذائه على باب العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ، وبينهما عرض المسعى، خمسة وثلاثون ذراعا واثنتا عشرة إصبعا".
ج - رواية أبي إسحاق الحربي:
قال الحربي في كتابه المناسك وهو رحلته إلى الحج: " وذرع المسعى من المسجد الحرام إلى دار العباس اثنان وثلاثون ذراعا".
وهذا التحديد ينقص عن تحديد الأزرقي والفاكهي بثلاثة أذرع ونصف؛ مع أن الحربي كان معاصرا للأزرقي والفاكهي، فلعله قدر ذراعا خاصًا به، وهو ممن دخل مكة وحرر كتابه إبان حجه، بخلاف الأزرقي والفاكهي اللذين استوطنا البلد الحرام، و يجوز أن يقال في الجمع بين الروايتين: إن الأزرقي والفاكهي حددا أقصى عرض للمسعى، والحربي اعتبر حال المسعى بعد دخول الأبنية والديار المجاورة فيه، فالجميع متفق على أن للمسعى عرضا محددا؛ تمسكا بدليل الاستصحاب، لكن ذرع الأزرقي و الفاكهي كان لتحديد أكثر عرض المسعى.
كما يمكن حمل ذرع الفاكهي والأزر قي على أوسع عرض للوادي وذلك يقتضي وجود التواءات في حديه فيضيق تارة في بعض مواضعه عن مواضعه الأخرى، وعليه يكون ذرع الفاكهي والأزرقي قد توجه إلى حساب الأكثر فبلغ خمسا وثلاثين ذراعًا ونصف، إذ يتعذر عادة استقامة حافتي الوادي، وأظن أن قول الفقهاء: لو التوى يسيرا عن دار العباس لم يضره ذلك، قد راعى تعرجات والتواءات الوادي التي تجعل بعض مواضعه أعرض وأوسع من بعضها الآخر، وهذا معهود في كل واد؛ فيبعد أن يكون عرض الوادي مستقيمًا استقامة كلية في سائر أجزائه الأفقية والعمودية أو الطولية والعرضية كما نراه اليوم في فناء المسعى.
توثيق أصحاب الروايات الثلاث:
1 - الأزرقي وروايته:
تقدم أن الأزرقي هو أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق الغساني المكي الشافعي، وجده هو أحمد بن محمد الأزرقي ثقة روى عن مالك وابن عينيه والشافعي وعنه روى البخاري وأبو حاتم وحفيده وغيرهم. وقال عنه ابن سعد (ت 230هـ): ثقة كثير الحديث. ووثقه أيضا البخاري (ت256 هـ)، والرازي (ت327هـ)، وابن حبان (ت 354هـ) ..
قال ابن ماكولا (ت 475 هـ) في معرض ذكر من رووا عن جد الأزرقي: " وابن ابنه أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد ابن الوليد الأزرقي صاحب كتاب مكة يحدث عن جده أحمد بن محمد الأزرقي وعلي بن هارون بن مسلم العجلي ومهدي بن أبي المهدي وجماعة كثيرة، روى عنه كتاب مكة محمد بن إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع الخزاعي ".
¥