تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

جميع النصوص الواردة عن علماء التاريخ واللغة والفقه تثبت أن جبلي الصفا والمروة جبلان مستقلان بمكة علق الشارع بهما شعيرة السعي، ونذكر من هذه النصوص ما يأتي:

1 - قال الحربي: " وحيال باب القاضي من طرف باب الصفا إلى منعرج الوادي جبل الصفا ثم الركن ركن المسجد فيه منارة، وحيالها جبل أبي قبيس يتعرج خلف الصفا طرف منه، ثم يرجع الحد إلى الرواق الأيسر للداخل من باب بني شيبة وهو حيال باب البيت، وهناك باب على ثلاث طاقات يقال له باب بني هاشم وقبله في بطن الوادي مع باب المسجد علم أحمر، وحياله في شق الوادي الآخر علم مثله، وذاك حد المسعى ". فقوله:" جبل أبي قيس يتعرج خلف الصفا طرف منه "، لا يدل على جواز اعتباره من الصفا وامتداده؛ لأن هذا الطرف من أجزاء جبل أبي قيس وامتداده، والحقيقة الشرعية تقتضي السعي في أجزاء جبل الصفا والمروة وامتدادهما لا في أطراف أجزاء من جبال أخر، وإلا لزم جواز السعي في أطراف وأجزاء واسعة؛ نظرا لارتباط واتصال جبلي الصفا والمروة بجبل أبي قيس وجبل قعيقعان، مما سيؤدي إلى نقض البينية المشروطة في السعي بين الصفا والمروة عند جميع الفقهاء، فلابد من التسليم بامتداد مخصوص تفرضه الحقيقة الشرعية والعرفية، وتضبطه حدود الرسم والتعريف بالأسماء والاطلاقات. وسيظهر لك من الآتي سعة الصفا والمروة وامتدادهما كما ضبطه المحققون من أهل العلم ممن يحتج بهم في هذا الأمر.

2 - قال البكري (ت 487هـ):" المروة جبل بمكة معروف، والصفا جبل آخر بإزائه، وبينهما قُدَيْد ينحرف عنهما شيئًا. والمُشَلَّل هو الجبل الذي ينحدر منه إلى قديد، وعلى المشلل كانت مناة، فكان من أهل بها من المشركين، وهم الأوس والخزرج يتحرج أن يطوف بين الصفا والمروة، ثم استمروا على ذلك في الإسلام، فأنزل الله تعالى:" إن الصفا والمروة من شعائر الله ". هكذا روى الزهري عن عروة عن عائشة ... "، والبكري هنا سمى كل واحد منهما جبلا، يتقابلان ويتوازيان، لا أن امتدادهما طويل إلى حد يصعب تمييزه عن غيره إما لاستغراقه وتشعبه بغيره، أو لاعتباره أوسع بكثير مما حددته بعض الروايات من جهة البيت إلى جهة دار العباس عرضا، ومن زقاق بني عباد إلى زقاق بني أبي حسين طولا، وكل ذلك محسوم بذراع الأزرقي والفاكهي ومن وافقهما، ولا عبرة بإطلاقات بعض الشعراء الجاهلين، لاحتمال استعمال المجاز في إلحاق الصفا والمروة بالجبال المحيطة بها.

3 - قال القاضي عياض (ت 544هـ):"والمروة هي الحجارة ومنه سميت المروة قرينة الصفا". ولم يقل قرينة جبل آخر غير الصفا، فدل هذا على محدودية المكان المجزئ للسعي الذي عهده الفقهاء ولم يحتاجوا إلى التفصيل في عرضه وافتراض توسيعه.

4 - قال ابن عطية الأندلسي (ت546هـ): " الصفا والمروة جبيلان ". وقال أيضا: " وجبيل الصفا بمكة صليب، وجبيل المروة إلى اللين ماهق، فبذلك سميا .. " وقال:" ومن شعائر الله "، معناه: من معالمه ومواضع عبادته، وهي جمع شعيرة أو شعارة .. ". وقوله تعالى: " إن الصفا والمروة من شعائر الله " خبر يقتضي الأمر بما عهد من الطواف بهما ". وتؤخذ من كلام ابن عطية فائدة، وهي إفصاحه عن صغر جبلي الصفا والمروة بتصغيره لكلمة جبل، ومعلوم أن الأسماء ذات الشرف والقدسية لا تصغر، لكن يصغر ما أضيف إليها، فدل ذلك على تنبيه ابن عطيه على صغر مكان السعي؛ لأنه قرن التصغير بالكلام عن مواضع عبادة السعي، في قوله:" معناه من معالمه ومواضع عبادته ".

5 - نقل أسامة بن منقذ (ت 584هـ) شاهدا على قرب الديار من الساعين بين الصفا والمروة، فقال:" ودُعيت دار الأرقم على ولده، فقرأتُ نسخة صدقة الأرقم بدار " بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما قضى الأرقم في ربعه ما حاز الصفا أنها صدقة بمكانها من الحرم لا تباع ولا تورث، شهد هشام بن العاص، وفلان مولى هشام بن العاص ". قال: فلم تزل. قال يحيى بن عمران بن عثمان بن الأرقم: إني لأعلم اليوم الذي وقعت في نفس أبي جعفر - المنصور – وذاك أنه كان يسعى بين الصفا والمروة في حجة حجها ونحن على ظهر الدار في فسطاطها، فيمر تحتنا، ولو أشاء أن آخذ قلنسوة عليه لأخذتها، وإنه لينظر من حيث يهبط بطن الوادي حتى يصعد إلي الصفا .. ". ونقل ابن منقد قول الشاعر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير