ولو كنت في الدار التي مسقط الصفا
مرضت ولكن غاب عني معللي"
ومسقط الصفا منتهاه، والصفا مكان مرتفع من جبل أبي قبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق ".
6 - قال ابن الأثير (ت 606 هـ): " وفيه ذكر الصفا والمروة في غير موضع، - والصفا- اسم أحد جبلي المسعى ". وقال أيضا: " ومروة المسعى التي تذكر مع الصفا، وهي أحد رأسييه اللذين ينتهي إليهما السعي ". وعنصر الإطلاق العرفي يرجح ما حدده الأزرقي والفاكهي، و يرجحه أيضا اكتفاء العلماء المحتج بهم بالاستناد على المؤرخين الثقات، وعدم تكلفهم بالبحث في أقوال الشعراء العرب في أقصى امتداد الصفا والمروة في أحوال تحققت فيها أسباب يصح جعلها مسوغة لتوسيع مكان المسعى كما ينادى بذلك اليوم بعض المجازفين، فلا ندع تحديد هؤلاء الأثبات إلى شهادة شهود لا يحتج بأقوالهم ممن هو ليس من أهل الدراية والرواية، وإن جاور أرض المسعى، وتقدم به العمر.
قال ياقوت الحموي (ت 626هـ):" الصَفا: بالفتح والقصر، والصفا والصفوان والصفواء كله العريض من الحجارة الملس، جمع صَفاه، ويكتب بالألف، ويثني صفوان، ومنه الصفا والمروة، وهما جبلان بين بطحاء مكة والمسجد، أما الصفا فمكان مرتفع من جبل أبي قبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق، ومن وقف على الصفا كان بحذاء الحجر الأسود، والمشعر الحرام بين الصفا والمروة ".
وقال ياقوت أيضاً:" المروة: واحدة، والمرو الذي قبله: جبل بمكة يعطف على الصفا، قال عرّام: ومن جبال مكة، المروة: جبل مائل إلى الحمرة، أخبرني أبو الربيع سليمان بن عبد الله المكي المحدث أن منزله في رأس المروة، وأنها أكمة لطيفة في وسط مكة تحيط بها، وعليها دور أهل مكة ومنازلهم، قال: وهي في جانب مكة الذي يلي قعيقعان، وقد ثناه جرير، وهو واحد في قوله:
فلا يقربن المروتين ولا الصفا
ولا مسجد الله الحرام المطهر ".
فمن كلام ياقوت ومن نقل عنهم يظهر أن جبلي الصفا والمروة موضع يتوسط بطحاء مكة والبيت الحرام، وأنهما إلى البيت أقرب؛ لكون الراقي على الصفا محاذيا للحجر الأسود، وإن المروة جبل يُعطف على جبل الصفا، وأن الصفا جبل ومكان مرتفع من جبل أبي قبيس، وأن جبل المروة في جانب مكة الذي يلي قعيعقان،فيحصل من ذلك اختصاص كل منهما بحيز محدد، وينطبق على المستوعب لما بينهما مفهوم السعي شرعًا. وعندما يقول ياقوت:" والمشعر العلم المتعبد من متعبداته، وهو بين الصفا والمروة وهو من مناسك الحج، وقد روى عياض في ميمه الفتح والكسر، والصحيح الفتح .. "، فأين سينقل هذا المشعر إذا أحدثت التوسعة الجديدة؟ وهو ذو مكان محدد تواترت الروايات عليه؟ كما أنه مشعر متعبد به بين الصفا والمروة عهد بينيته أهل العلم منذ القدم.
7 - قال ابن منظور (ت 711هـ):" ومنه الصفا والمروة وهما جبلان بين بطحاء مكة
والمسجد، وفي الحديث ذكرهما، والصفا اسم أحد جبلي المسعى، والصفا موضع بمكة"، وهذا صريح في أن الصفا اسم موضوع على مكان يبتدأ به العبادة فلا يصار إلى غير موضعه، ومن قال بنقيض ذلك تحكم. وقال ابن منظور أيضاً:" ومروة المسعى التي تذكر مع الصفا، وهي أحد رأسيه اللذين ينتهي السعي إليهما. والمروة جبل بمكة شرفها الله تعالى .. ".
8 - قال عبدالمؤمن البغدادي (ت 739هـ):" الصَفا بالفتح والقصر المذكور في القرآن الكريم: مكان مرتفع من جبل أبي قبيس، بينه وبين المسجد الحرام عرض الوادي الذي هو طريق وسوق، وإذا وقف الواقف عليه كان حذاء الحجر الأسود، ومنه يبتدىء السعي بينه وبين المروة ". وقال البغدادي أيضاً: " المروة واحدة، المرو جبل بمكة ينتهي إليه السعي من الصفا أكمة لطيفة في سوق مكة، حولها وعليها دور أهل مكة عطفت على الصفا، وهو أول المسعي في قوله تعالي:" إن الصفا والمروة من شعائر الله ". فلذلك ثناها قوم في الشعر فقالوا المروتين.
9 - قال البلوي (ت نحو 767 هـ) عن جبل أبي قبيس:" وهو أحد أخشبي مكة، والأخشب الثاني الجبل المتصل بقعيقعان في الجهة الغربية، وسطح أبي قبيس مسجد محتفل البناء عليه .. "
10 - قال الفيروزآبادي (ت817هـ):" الصفا من مشاعر مكة يلحف أبي قبيس، وابتنيت على متنه دار فيحاء ".
¥