تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

11 - قال الزبيدي (ت 1205هـ):" والصفا من مشاعر مكة شرفها الله تعالى، وهو جبل صغير يلحف جبل أبي قبيس، ومنه قوله تعالى:" إن الصفا والمروة من شعائر الله ". وابتنيت على متنه دار فيحاء، أي واسعة ". وقال أيضا:" والمروة بهاء، جبل بمكة يذكر مع الصفا، وقد ذكرهما الله تعالى في كتابه العزيز".

ثالثا - تحديد سعة الصفا والمروة بالخطوة والقدم:

1 - ذكر ابن جبير (ت614هـ) أن سعة الصفا تضاهي سبع عشرة خطوة، ومعلوم أن ابن جبير ألف كتاباً سماه (رسالة اعتبار الناسك في ذكر الآثار الكريمة والمناسك) عرف بعد ذلك برحلة ابن جبير، فابن جبير وقف بنفسه على سعة الصفا، ولم يقلد فيه من تقدم عليه، يقول ابن جبير:" وللصفا أربعة عشر درجا، وهو على ثلاثة أقواس مشرفة، والدرجة العليا متسعة كأنها مصطبة، وقد أحدقت بها الديار وفي سعته سبع عشرة خطوة ".

ويقول ابن جبير عن المروة:" وأدراج المروة خمسة، وهما بقوس واحد كبير، وسعتها سعة الصفا سبع عشرة خطوة، وما بين الصفا والمروة مسيل هو اليوم سوق حفيلة بجميع الفواكه وغيرها من الحبوب وسائر المبيعات الطعامية، والساعون لا يكادون يخلصون من كثرة الزحام، وحوانيت الباعة يميناً وشمالاً، وما للبلدة سوق منتظمة سواها إلا البزازين والعطارين، فهم عند باب بني شيبة تحت السوق المذكورة وبمقربة تكاد تتصل بها ". وذكر ابن جبير أن جبل أبي قبيس أحد أخشبي مكة، والأخشب الثاني الجبل المتصل بقعيقعان في الجهة الغربية، ونقل أيضاً أنه كان يظن أن الكعبة المقدسة قد انحرفت عن وسط المسجد إلى جهة باب الصفا، لكن الاختبار الذي قام به هو ـ ابن جبير- في جوانبها المباركة بالكيل تبين بالدليل على أن الكعبة المقدسة في وسط المسجد، بحسب ما تضمنه رسم السارية.

على أن الدليل القوي الذي يثبت تواتر وتعاقب العمل على تحديد الحد الأيمن للمسعى للقادم من الصفا الذي يجاور دار العباس هو قول ابن جبير:" ومنها يُرمل في السعي إلى الميلين الأخضرين وهما أيضا ساريتان خضراوان على الصفة المذكورة الواحدة منها بإزاء باب علي في جدار الحرم، وعن يسار الخارج من الباب، والميل الآخر يقابله في جدار تتصل بدار الأمير مكثر، وعلى كل واحدة منهما لوح قد وضع على رأس السارية كالتاج ألفيت منه نقوشاً برسم مذهب: " إن الصفا والمروة من شعائر الله .. الآية ". فقوله والميل الآخر يقابله في جدار تتصل بدار الأمير مكثر. فيه إشارة إلى آخر عرض المسعى باعتبار أن ما بين الميلين له عرض مخصوص وطول مخصوص، والعرض هو مسامة لعرض المسعى في الجملة أو في أكثر عرضه أو أدناه، وفيه دليل على عدم استقامة حافتي عرض المسعى مثلما نشاهد اليوم، وفيه دليل على تسليم الناس للأمر التعبدي المتعلق بعدم تجاوز ما بين الجدارين خاصة الجدار المقابل للجدار القريب من البيت الحرام، وقد اختلفت التسميات بحسب العصور التاريخية، فتارة أطلق عليها دار العباس، وتارة أطلق عليها رباط العباس وفق ما ذكره التقي الفاسي. . و يقوي ما عليه هذا العمل الذي يتمثل في وضع علم يشير إلى ما بين عرضي الهرولة (العلمين) قول ابن رسته (ت نحو 300هـ):" وهو باب العباس بن عبد المطلب، وعنده علم المسعى من خارج .. ". ويحاذي دار العباس سوق الليل، فمن التوى في سعيه حتى دار من سوق الليل، أو نزل من الصفا ودخل من المسجد لم يصح سعيه كما قال الحطاب، مع أن سوق الليل لا يبعد كثيرا عن آخر عرض المسعى من جهة دار العباس أو آخر حد للجانب الأيمن للمسعى، قال الحربي: " ثم باب آخر على ثلاث طاقات يقال له باب بني هاشم قبله علمان أحمران على صفة، وهما حدا المسعى وبطن الوادي، والناس يسعون من ذينك العلمين الأولين إلى هذين العلمين الآخرين، وحياله سوق الليل، وحيال ما بين هذين البابين مما في صحن المسجد بيت الشراب ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير