9 - وقال الأمير (ت1232 هـ): " وأعلم أن الأحوط للأنسان أن يميل في السعي لجهة المسجد؛ لأنهم ذكروا أن الحرم أخذ فيه من المسعى، والحذر أن يجعل بناء العين الذي هناك بينه وبين الحرم، فيخرج عن المسعى وهو سطح ما بين القوسين المنظرين على الصفا والمروة وقد نبه على ذلك الشافعي ".
10 - وقال العمروسي (ت 1173هـ): " ثم الركن الثالث السعي لهما بشروط كونه سبعا لا أنقص، ولو بعض شوط، فلا يجزىء، وكونه بين الصفا والمروة لا بين غيرهما .. ".
فهذه نصوص المالكية وهي صريحة في بطلان سعي من ترك شيئًا من السعي، وكذلك بطلان سعي من سعى في غير المحل الذي سعى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، كما يقول الحطاب: فلو سعى في غير ذلك المحل، بأن دار من سوق الليل أو نزل من الصفا، ودخل من المسجد لم يصح سعيه "، فإذا كان هذا من جهة المسجد فكيف من جهة ظاهرة البعد عن عرض المسعى، والحطاب مفتي المالكية بمكة، ومن قرأ مواهبه ومنسكه يدرك إلمامه الواسع بأحوال مكة.
ثالثا – في المذهب الشافعي:
1 - روي عن الشافعي (ت 204 هـ) أن وجوب استيفاء ما بين الصفا والمروة شرط، حتى ولو أخل بشيء منه وإن قل لا يجوز ". قال ابن جماعة (ت 767هـ): " و لابد أن يكون السعي في بطن الوادي، فإن التوى شيئا يسيرا أجزأه، وإن عدل حتى فارق الوادي إلى زقاق العطارين لم يجزئه، نص عليه الشافعي ". ومعنى قوله:" فإن التوى يسيرا"، عدم بطلان من انحرف عن المسعى يسيرا بنحو ذراع أو ذراعين إذا عاد إلى المكان المجزئ في كل شوط من طوافه والله أعلم.
2 - في المجموع للنووي: " قال الشافعي والأصحاب لا يجوز السعي في غير موضع السعي، فإن سعى وراء موضع السعي في زقاق العطارين أو غيره لم يصح سعيه؛ لأن السعي مختص بمكان فلا يجوز فعله في غيره كالطواف. قال أبو علي البندنيجي في كتابه الجامع: موضع السعي بطن الوادي. قال الشافعي في القديم فإن التوى شيئًا أجزأه، وإذا عدل حتى يفارق الوادي المؤدي إلى زقاق العطارين لم يجزئ، وكذا قال الدارمي: إن التوى في السعي يسيرا جاز، وإن دخل المسجد أو زقاق العطارين فلا والله أعلم ".
3 - وقال النووي: " مذهبنا أنه ـ السعي ـ ركن من أركان الحج والعمرة لا يتم واحد منهما إلا به، ولا يجبر بدم، ولو بقيت منه خطوة لم يتم حجه ولم يتحلل إحرامه .. ".
4 - قال المحب الطبري (ت 694 هـ):" فيبدأ بالصفا ثم بالمروة، فلو عكس تلك الطوفة حتى يأتي الصفا، والعدد فلا بد من استكمال سبعة أشواط، يبدأ بالصفا فإذا انتهى إلى المروة كانت واحدة، ثم من المروة إلى الصفا ثانية، هكذا إلى أن يختم بالمروة".
5 - وقال ابن جماعة: " ومن واجبات السعي عند الشافعية قطع جميع المسافة بين الصفا والمروة، فلو بقي منهما بعض خطوة لم يصح سعيه ".
6 - وقال ابن حجر الهيتمي: " فليحذر من أن يخلفها وراءه، فلا يصح سعيه حينئذ .. فإن الأزرقي هو إمام هذا الشأن، فحيث ذكر ذلك الذرع القاضي بخلاف جميع الدرج المدفون غلب على الظن صدق ما قال .. ".
وفي هذا المعنى يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: " اعلم أنه لا يجوز السعي في غير موضع السعي فلو كان يمر من وراء المسعى حتى يصل إلى الصفا والمروة من جهة أخري لم يصح سعيه، وهذا لا ينبغي أن يُختلف فيه، وعن الشافعي في القديم: أنه لو انحرف عن موضع السعي انحرافا يسيرا أنه يجزئه، والظاهر أن التحقيق خلافه، وأنه لا يصح السعي إلا في موضعه ".
رابعا – في المذهب الحنبلي:
1 - قال ابن قدامه (ت 620 هـ): " فإن لم يرق على الصفا، فلا شيء عليه، قال القاضي: لكن يجب عليه أن يستوعب ما بين الصفا والمروة، فيلصق عقبيه بأسفل الصفا، ثم يسعى إلى المروة، فإن لم يصعد عليها ألصق أصابع رجليه بأسفل المروة، والصعود عليها الأولى؛ اقتداء بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فإن ترك مما بينهما شيئًا ولو ذراعا لم يجزيه حتى يأتي به، والمرأة لا يسن لها أن ترقى؛ لئلا تزاحم الرجال، وترك ذلك أستر لها، و لا ترمل في طواف و لا تسعى، والحكم في وجوب استيعابها ما بينهما بالمشي كحكم الرجال ".
2 - قال ابن مفلح (ت763هـ): " ويجب استيعاب ما بينهما فقط، فيلصق عقبيه بأصليهما ".
3 - قال الحجاوي (ت 968هـ): " و يجب استيعاب ما بينهما ـ الصفا والمروة ـ ".
4 - قال البهوتي (ت 1051هـ) شارحا عبارة الحجاوي: " أي الصفا والمروة؛ لفعله صلي الله عليه وسلم وقوله: خذوا عني مناسككم، فإن لم يرقهما ألصق عقب رجليه بأسفل الصفا، وألصق أصابعها بأسفل المروة؛ ليستوعب ما بينهما".
وذكر ابن جماعة عن الحنابلة أنه يجب استيعاب ما بين الصفا والمروة في المرات السبع، فإن التوى إلى جانبه أجزأ، وإن خرج عنه فمقتضى مذهبهم أنه لا يجزئه.
يتبع إن شاء الله