تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال القرطبي: قال الله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} وقال تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} وقال تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} وفرض طاعته في غير آية من كتابه وقرنها بطاعته عز وجل , وقال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ذكر ابن عبد البر في كتاب العلم له عن عبد الرحمن بن يزيد: أنه رأى محرما عليه ثيابه فنهى المحرم فقال ايتني بآية من كتاب الله تنزع ثيابي قال: فقرأ عليه {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ...

وروى أبو داود عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا وإني قد أوتيت الكتاب ومثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه .. .

قال الخطابي قوله: [أوتيت الكتاب ومثله معه] يحتمل وجهين من التأويل:

أحدهما: أن معناه أنه أوتي من الوحي الباطن غير المتلو مثل ما أعطي من الظاهر المتلو.

والثاني: أنه أوتي الكتاب وحيا يتلى وأوتي من البيان مثله أي أذن له أن يبين ما في الكتاب فيعم ويخص ويزيد عليه ويشرع ما [ليس له] في الكتاب.

فيكون في وجوب العمل به ولزوم قبوله كالظاهر المتلو من القرآن وقوله: يوشك رجل شبعان الحديث , يحذر بهذا القول من مخالفة السنن التي سنها مما ليس له في القرآن ذكر على ما ذهبت إليه الخوارج والروافض؛ فإنهم تعلقوا بظاهر القرآن وتركوا السنن التي قد ضمنت بيان الكتاب قال: فتحيروا وضلوا. ...

وفي الحديث دلالة على أنه لا حاجة بالحديث إلى أن يعرض على الكتاب؛ فإنه مهما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حجة بنفسه قال: فأما ما رواه بعضهم أنه قال

إذا جاءكم الحديث فأعرضوه على كتاب الله؛ فإن وافقه فخذوه وإن لم يوافقه فردوه.

فإنه حديث باطل لا أصل له.

ثم البيان منه صلى الله عليه وسلم على ضربين بيان المجمل في الكتاب كبيانه للصوات الخمس في مواقيتها وسجودها وركوعها وسائر أحكامها وكبيانه لمقدار الزكاة ووقتها , وما الذي تؤخذ منه من الأموال وبيانه لمناسك الحج ..

وبيان آخر وهو زيادة على حكم الكتاب كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها , وتحريم الحمر الأهلية , وكل ذي ناب من السباع , والقضاء باليمين مع الشاهد وغير ذلك.

الجامع لأحكام القرآن (1

39)

ثانيا:دعوى مصادمة السنة لكتاب الله تعالى

من القضايا التي يجب أن تكون مسلَّمة لدى كل مسلم أن دين الله محفوظ من التناقض والتعارض، وشريعته منزهة عن التضاد والتضارب، لأنها منزلة من عند الله العليم الحكيم الذي لا تتضارب أقواله ولا تتنافر أحكامه.

وقد ذكر ابن القيم رحمه الله:

أن السنة لا تعارض القرآن , والسنة مع القرآن على ثلاثة أوجه:

أحدها:أن تكون موافقة له من كل وجه فيكون توارد القرآن والسنة على الحكم الواحد من باب توارد الأدلة وتضافرها.

الثاني: أن تكون بيانا لما أريد بالقرآن وتفسيرا له.

الثالث: أن تكون موجبة لحكم سكت القرآن عن إيجابه أو محرمة لما سكت عن تحريمه ولا تخرج عن هذه الأقسام.

فلا تعارض القرآن بوجه ما؛ فما كان منها زائدا على القرآن؛فهو تشريع مبتدأ من النبي صلى الله عليه وسلم تجب طاعته فيه , ولا تحل معصيته وليس هذا تقديما لها على كتاب الله بل امتثال لما أمر الله به من طاعة رسوله , ولو كان رسول صلى الله عليه وسلم لا يطاع في هذا القسم لم يكن لطاعته معنى ,وسقطت طاعته المختصة به, وإنه إذا لم تجب طاعته إلا فيما وافق القرآن لا فيما زاد عليه لم يكن له طاعة خاصة تختص به ,وقد قال الله تعالى {من يطع الرسول فقد أطاع الله} وكيف يمكن أحدا من أهل العلم أن لا يقبل حديثا زائدا على كتاب الله؛فلا يقبل حديث تحريم المرأة على عمتها ولا على خالتها ,ولا حديث التحريم بالرضاعة لكل ما يحرم من النسب ,ولا حديث خيار الشرط ,ولا أحاديث الشفعة ,ولا حديث الرهن في الحضر مع أنه زائد على ما في القرآن ولا حديث ميراث الجدة ,ولا حديث تخيير الأمة إذا أعتقت تحت زوجها, ولا حديث منع الحائض من الصوم والصلاة ,ولا حديث وجوب الكفارة على من جامع في نهار رمضان ...

إعلام الموقعين (2

308)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير