تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وقد رد على ذلك كثيرا من الأحاديث التي لم يسبق إلى ردها بناء على هذه القواعد التي وضعها , ولو سلمنا جدلا أن تجعل العقول مقياسا لما يقبل ويرد من الأحاديث فلأي عقل نتحاكم , فمثلا ما تشمئز منه بعض النفوس قد تقبله نفوس الآخرين , وما يقبله بعض الناس ينفر منه البعض الآخر؛ فما هم المقياس فلو فتح هذا الباب الخطير لهدمت سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهذا لا يقبل هذه الأحاديث لأن عقله لم يقبلها وهذا يرد أخرى لأن عقله لم يقبلها وهكذا هلم جرا.

وقد بين العلماء أن الشريعة لا تأتي بما يحيله العقل ولكن بما يحار به , وعلى العقل القبول والتسليم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: والعقل الصريح دائما موافق للرسول صلى الله عليه و سلم لا يخالفه قط فإن الميزان مع الكتاب .. لكن قد تقصر عقول الناس عن معرفة تفصيل ما جاء به فيأتيهم الرسول بما عجزوا عن معرفته و حاروا فيه لا بما يعلمون بعقولهم بطلانه فالرسل صلوات الله و سلامه عليهم تخبر بمحارات العقول لا تخبر بمحالات العقول.

مجموع الفتاوى (17

444)

وذكر المخالف ص (279): رد السنة كليا لا يهدم الإسلام (لأن القرآن محفوظ من رب العالمين وفيه كل الأصول والكليات وبعض الفرعيات) فالإسلام قائم بالقرآن حتى قيام الساعة إلا أن رد السنة كلها سوف يؤدي إلى مشاكل وصعوبات كبيرة في فهم القرآن وتطبيقاته العملية ..

وذكر ص (47) من كتابه حوار حول أحاديث الفتن وأشراط الساعة

" نعم يجب على المسلم طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويجب الاقتداء به وما دام الرسول صلى الله عليه وسلم قد مات منذ زمن بعيد بحيث لم يعد المسلم بعده يسمع كلامه مباشرة ولأن السنة لم تكتب فورا بل كتبت بعد ما يزيد على قرن من الزمان وبعد مضي ثلاثة أجيال أو أكثر ولأن كتابة السنة جاءت بعد وقوع الفتنة واختلاف المسلمين وظهور الفرق المتناقضة سياسيا المتحاربة والمتصارعة على السلطة .. ويفهم من ذلك أن ما وصلنا لم يصل درجة الجزم واليقين (عدا المتواتر وهو قليل جدا) ..

قلت: وهذا قول خبيث فيه طعن وتشكيك في سنة النبي صلى الله عليه وسلم , فإن الله تعالى حفظ هذه الأمة بالإسناد فالإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.

قال عبد الله بن المبارك:الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.

مقدمة صحيح مسلم (1

87)

وقال السيوطي: الإسناد في أصله خصيصة فاضلة لهذه الأمة ليست لغيرها من الأمم، قال ابن حزم: "نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الإتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل وأما مع الإرسال والإعضال فيوجد في كثير من اليهود لكن لا يقربون فيه من موسى قربنا من محمد صلى الله عليه وسلم بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرا وإنما يبلغون إلى شمعون ونحوه ....

تدريب الراوى (2/ 160)

وهذا واضح بين لمن طالع علم الحديث ووجد دقة هذا العلم المبارك وكيف أن الجهابذة من علماء هذا العلم الشريف استطاعوا معرفة لا أقول جملة بل لفظة زيدت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما بالك بالأحاديث المختلقة والموضوعة

وقال أبو عبد الله الحاكم: فلولا الإسناد وطلب هذه الطائفة له وكثرة مواظبتهم على حفظه لدرس منار الإسلام ولتمكن أهل الإلحاد والبدع فيه بوضع الأحاديث وقل الأسانيد؛فإن الأخبار إذا تعرت عن وجود الأسانيد فيها كانت بترا.

معرفة علوم الحديث (40)

وعن ابن المبارك: لو هم رجل في البحر أن يكذب الحديث لأصبح والناس يقولون فلان كذاب فقيل له فهذه الأحاديث المصنوعة فقال تعيش لها الجهابذة {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}

الشذا الفياح (1

226)

وقال الإمام أبو المظفر السمعاني: «فإن قالوا: قد كثرت الآثار في أيدي الناس واختلطت عليهم، قلنا: ما اختلطت إلا على الجاهلين بها، فأما العلماء بها؛ فإنهم ينتقدونها انتقاد الجهابذة الدراهمَ، والدنانيرَ، فيميزون زيوفها ويأخذون خيارها، ولئن دخل في أغمار الرواة من وسم بالغلط في الأحاديث فلا يروج ذلك على جهابذة أصحاب الحديث، ورواته العلماء حتى إنهم عدُّوا أغاليط من غلط في الإسناد والمتون، بل تراهم يعدون على كل واحد منهم كم في حديث غلط، وفي كل حرف حرَّف، وماذا صحَّف، فإن لم تَرُجْ عليهم أغاليط

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير