قلت:إن ثبوت حجية السنة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورية دينية , وقد تقدم في التمهيد شيئا من ذلك.
وقال الشوكاني: اعلم أنه قد اتفق من يعتد به من أهل العلم على أن السنة المطهرة مستقلة بتشريع الأحكام , وأنها كالقرآن في تحليل الحلال وتحريم الحرام , وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ألا وأني أوتيت القرآن ومثله معه] أي أوتيت القرآن وأوتيت مثله من السنة التي لم ينطق بها القرآن , وذلك كتحريم لحوم الحمر الأهلية , وتحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير وغير ذلك مما لم يأت عليه الحصر , وأما ما يروى من طريق ثوبان في الأمر بعرض الأحاديث على القرآن فقال يحيى بن معين: إنه موضوع وضعته الزنادقة.
وقال الشافعي: ما رواه أحد عمن يثبت حديثه في شيء صغير ولا كبير.
وقال ابن عبد البر في كتاب الله جامع العلم: قال عبد الرحمن بن مهدي: الزنادقة والخوارج وضعوا حديث:ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب؛فإن وافق كتاب الله فأنا قلته وإن خالف فلم أقله , وقد عارض حديث العرض قوم فقال: وعرضنا هذا الحديث الموضوع على كتاب الله فخالفه لأنا وجدنا في كتاب الله {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} ووجدنا فيه {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} ووجدنا فيه {من يطع الرسول فقد أطاع الله} قال الأوزاعي: الكتاب أحوج إلى السنة من السنة إلى الكتاب.
قال ابن عبد البر: إنها تقضي عليه وتبين المراد منه.
وقال يحيى بن أبي كثير: السنة قاضية على الكتاب , والحاصل أن ثبوت حجية السنة المطهرة واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية ولا يخالف في ذلك إلا من لا حظ له في دين الإسلام.
إرشاد الفحول (152)
وقال الشافعي:سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أوجه:
أحدها: ما أنزل الله فيه نص كتاب فسن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل نص الكتاب.
والثاني: ما أنزل الله فيه جملة كتاب فبين عن الله معنى ما أراد بالجملة وأوضح كيف فرضها عاما أو خاصا وكيف أراد أن يأتي به العباد.
والثالث: ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم مما ليس فيه نص كتاب ..
مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة (8)
3 - "كتاب الإسلام وصياح الديك "
وهذا كتاب آخر له ملأه بالتخليط والتخريف والتحريف, وليته ستر على نفسه بل أبى على نفسه إلا أن يفضحها.
قال في مقدمة كتابه المذكور (6):وقد قصدت بقولي صياح الديك أو الديكة لفت نظر القاريء الفطين إلى إحدى الخرافات التي نظمت في قول نسبه الراوي إلى رسول الله زورا وكذبا ومما جاء فيه:إذا سمعتم صياح الديكة .. فإنها رأت ملكا وإذا سمعتم نهيق الحمير .. فإنه رأى شيطانا. (صحيح البخاري 4
155 وغيره)
وإليك المسائل التي خلط فيها في هذا الكتاب:
1 - أنكر صفة النزول لله في الثلث الأخير وضعف حديث النزول بجهله مع اعترافه أن هذا الحديث له طرق كثيرة.
قال ص (13) عن حديث النزول: فهو خبر ضعيف بل منكر متنا وأغلب طرقه ضعيفة سندا لأنه يناقض القرآن الكريم ... ناهيك أن ثلث الليل الآخر أو الأول يتكرر كل لحظة على مدار اليوم والليلة فمتى ينزل سبحانه وتعالى ومتى يصعد .. ثم قال بعد ذلك ومداره – أي الحديث – على راو واحد وهو أبو هريرة وهو من ألصق به أخبار كثيرة لم يقلها لذلك يجب عرضه على القرآن للتثبت من صحة متنه خاصة أن متنه يناقض القرآن صراحة ..
ثم ضعف الحديث عند البخاري من طريق إسماعيل بن أبي أويس
وضعف طريق مسلم بسهيل بن أبي صالح
ثم قال بعد ذلك أخطأ السلفيون (المتأخرون منهم والمعاصرون) ومن آمن بقولهم هذا لأنهم بنو عقيدتهم في هذه المسألة على أخبار آحاد ظنية الثبوت دون الرجوع إلى القرآن.
ثم أنكر بعد ذلك أن العرش فوق السماء السابعة .. إلى غير ذلك من التخريف والتخليط
قلت:
أ - أما تضعيفه الحديث مع اعترافه بطرقه الكثيرة فقد قدمنا جهله بهذا الفن ويكفي في ذلك أنه يرد أي حديث تفرد به راو في أي طبقة من طبقات السند كما في هذا الحديث لأنه تفرد به أبو هريرة , مع أن المعلوم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم أن أكثرها على هذه الوتر.
¥