على أن ثقل المهمة وصعوبة العمل في تحقيق سند الحديث قد أخذ من أولئك العلماء الأفذاذ جل أوقاتهم فلم يبق لهم من الوقت ما يكفي ليمحصول متون الأحاديث .. وكان الأمل أن يأتي من بعدهم من يمحص متون الآثار والأحاديث ليقف الناس على صحيحها متنا وسندا .. وذلك بردها إلى كتاب الله الكريم وعرضها على روح الشريعة إلا أنه للأسف الشديد لم يحدث من ذلك إلا القليل بل الذي حصل هو تسليم غالبية الفقهاء بصحة متن الحديث إذا صح سنده ..
قلت: إلى أن جاء العالم النحرير جواد عفانة فمسخ الأحاديث الصحيحة وجعل عقله مقياسا لرد وقبول الأحاديث .. ولا شك أن في كلامه السابق طعن مبطن بعلماء الأمة وإن ساقه في صورة المدح.
وقال ص (25) من كتابه اللباس الشرعي
" من المعلوم بداهة أن الحديث الصحيح سندا إذا عارضه حديث ضعيف لا يسمى ذلك تعارضا لأن الحديث الضعيف لا يحتج به مع وجود حديث صحيح في المسألة الواحدة ناهيك عن عدم الاستدلال به أصلا عند غالبية العلماء وعدم الاستدلال به مطلقا في الأحكام
قلت: ثم ناقض نفسه فقال في الحاشية: وعندي أن الحديث الضعيف سندا قد يكون صحيحا متنا لذلك فلا بأس من وضعه على المحك ومحاولة الاستفادة منه إذا اضطررنا إليه.
5 - كتاب " الإسلام وسد ذرائع الفحشاء"
أ-قرر ص (5) من كتابه " الإسلام وسد ذرائع الفحشاء"
أن ساتر الوجه المستخدم هذه الأيام والمسمى نقابا ما هو إلا بدعة ابتدعها أحد جهلة المسلمين في عصور التخلف والجهل لإشباع الغيرة الزائدة عند بعض الرجال ...
قلت: وهكذا كعادته وجرأته يعرض عن عشرات الأدلة التي تدلل على أن النقاب وغطاء الوجه كان معروفا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
وإليك بعضها:
1 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} شققن مروطهن فاختمر نبها.
قال ابن حجر: قوله فاختمرن بها أي غطين وجوههن.
الفتح (8
490)
2 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية.
أبو داود في سننه (4101) وإسناده صحيح
3 - حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لاتنتقب المرأة ولا تلبس القفازين.
البخاري في صحيحه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن.
ب-قال ص (3) من كنابه المذكور: ناهيك عمن بلغوا قمة الجهل في هذه المسألة فسموا آية إدناء الجلاليب بآية الحجاب للمسلمات.
قلت: أخذ جل العلماء من آية الإدناء وجوب الحجاب وهؤلاء هم قمة من بلغوا الجهل عند جواد عفانة كابن جرير وابن تيمية وابن كثير وجم غفير من العلماء.
قال ابن جرير الطبري في تفسير آية اللإدناء: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين: لا تشتبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن فكشفن شعورهن ووجوههن ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن لئلا يعرض لهن فاسق إذا علم أنهن حرائر بأذى من قول.
ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به فقال بعضهم: هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهن إلا عينا واحدة. ثم ذكر عن ابن عباس قوله {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رءوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة.
ونقل ذلك عن عدة من السلف.
تفسير ابن جرير (10
331)
وقال شيخ الإسلام: "قبل أن تنزل آية الحجاب، كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجل وجهها ويديها، وكان إذا ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها، لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب، بقوله: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن" حجب النساء عن الرجال".
مجموع الفتاوى (22/ 110)
ت-ويرى كما في ص (2) من كتابه الإسلام وسد ذرائع الفحشاء
أن المرأة تؤجر إذا كشفت وجهها.
ث-وذكر أيضا ص (59)
الآثار المترتبة على ستر المرأة لوجهها.
من ذلك:
¥