وقال سبحانه: (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا) السجدة/ 16.
وقال تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) الزمر/ 9.
فلا تسأل نفسك متى تموت؟ بل على أي شيء تموت؟ على خير أم شر؟ على طاعة أم معصية؟ على الإسلام أم على الكفر؟ وبما أن الإنسان لا يدري متى يموت فإن هذا يدفعه لأن يكون متأهباً دائما للموت استعداداً للقاء ربه على أحسن حال.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله -:
ولهذا نقول: أنت لا تسأل متى تموت، ولا أين تموت؛ لأن هذا أمر لا يحتاج إلى سؤال، أمر مفروغ منه، ولابد أن يكون، ومهما طالت بك الدنيا، فكأنما بقيت يوماً واحداً، بل كما قال تعالى هنا: (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا) النازعات/ 46، ولكن السؤال الذي يجب أن يرِد على النفس، ويجب أن يكون لديك جواب عليه هو: على أي حال تموت؟! ولست أريد على أي حال تموت هل أنت غني أو فقير، أو قوي أو ضعيف، أو ذو عيال أو عقيم، بل على أي حال تموت في العمل، فإذا كنت تسائل نفسك هذا السؤال، فلابد أن تستعد؛ لأنك لا تدري متى يفجَؤُك الموت، كم من إنسان خرج يقود سيارته ورجع به محمولاً على الأكتاف، وكم من إنسان خرج من أهله يقول هيئوا لي طعام الغداء أو العشاء ولكن لم يأكله، وكم من إنسان لبس قيمصه وزر أزرته ولم يفكها إلا الغاسل يغسله، هذا أمر مشاهد بحوادث بغتة، فانظر الآن وفكِّر على أي حال تموت، ولهذا ينبغي لك أن تكثر من الاستغفار ما استطعت، فإن الاستغفار فيه من كل همٍّ فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً.
" لقاءات الباب المفتوح " (اللقاء رقم 17).
ثانياً:
وأما بالنسبة لرؤيا قريبك وأنه رآك في المنام ميتاً: فقد سبق بيان أن الموت حق، وأن الإنسان لا يدري متى يموت ولا في أي أرض، فليس في الرؤيا ما ينافي الواقع لك عاجلاً أم آجلاً، ولم يبق لك إلا الاستعداد له – كما سبق -، مع التنبيه أن رؤية الشخص من قبَل غيره أنه ميت قد تعني أنه يرزق بولد أو حفيد كما أفاده بعض إخواننا المشتغلين بتعبير الرؤى، ولو فرِض أن رؤيا قريبك ستتحقق قريبا: فهذا يجعلك تسارع في العمل الصالح، ولسنا نشتغل هنا بتعبير رؤى الناس، لكننا ننصحهم ونبين لهم ما ينتفعون به من أحكام ومسائل شرعية واجتماعية وتربوية.
ثالثاً:
الدعاء بطول العمر جائز، على أن يكون معه الدعاء بأن يكون في طاعة الله، أو حُسن العمل؛ إذ طول العمر من غير توفيق لأعمال صالحة فيه ضرر على صاحبه؛ لأنه تكثر أعماله السيئة وتكثر معاصيه، وها هو إبليس له عمر طويل، وهو يقضيه في الوسوسة والكيد.
وقد سبق في جواب السؤال رقم: (12372 ( http://www.islam-qa.com/index.php?ref=12372&ln=ara) ) جواز الدعاء بطول العمر، مع الزيادة التي نبهنا عليها وهي " في طاعة الله " وما يشبهها.
والأعمار والأرزاق مكتوبة مقدَّر في اللوح المحفوظ لا تتبدل ولا تتغير، لكن الله تعالى جعل لها أسباباً تطول بها الأعمار – أو يبارك فيها – ويكسب بها رزقاً، ومن ذلك: صلة الرحم؛ فإنها تطيل في العمر وتزيد في الرزق، وقد علم الله تعالى أزلاً أن فلاناً سيصل رحمه فقدَّر له عمُراً ورزقاً بسببه، والمسلم لا يدري ما كُتب له، لكنه يبذل أسباب الحفاظ على حياته، ويبذل أسباب تحصيل الرزق.
وبعض العلماء يرى أن التبديل والتغيير يكون بما في أيدي الملائكة من صحف، وأما ما في اللوح المحفوظ فلا يمكن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رُفعَت الأَقلام وجفَّت الصحف". رواه أحمد (2664) والترمذي (2516) وصححه الألباني.
قال تعالى: (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) فاطر/من الآية 11.
وقال تعالى: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) الرعد/ 39.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله -:
(يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ) من الأقدار.
¥