تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الممكن أن يجد البعض تعارض بين الحديثين ولكن في الحقيقة لا يوجد تعارض وإنما الحديثان يقويان القول الذي يبيح ذكر الله تعالى للجنب وكذلك للحائض، فإن الحديث الثاني الذي ذكرته السيدة عائشة – رضى الله عنها – يفيد أن النبي – r– كان يذكر الله – تعالى – في جميع أحواله، وجاءت لفظة (جميع أحواله) على الإطلاق ولم تأتى مقيدة بأحوال معينة ولذلك فإنه يدخل فيه حالته – r – وهو جنب، والحديث الأول يفيد أن النبي – r– كان يكره ذكر الله وهو غير طاهر، وهذا يدل على أن الكراهة هنا كراهة تنزيهية فإنها إن كانت تحريمية لم يفعلها النبي – r -.

واستدل البعض على المنع بحديث جابر وبن عمر y مرفوعاً:

" لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن "

وهذا الحديث (حديث ضعيف) ولا يثبت عن رسول الله – r – وذكر في (علل بن أبى حاتم (1/ 49))

ونقول أن الأحاديث الضعيفة لا يؤخذ بها إلى في فضائل الأعمال ولها أيضاً في فضائل الأعمال

(شروط)، والرأي الراجح هو أن الأحاديث الضعيفة لا يؤخذ بها ولا يستدل بها لا في التشريع ولا في فضائل الأعمال لأن النبي – r– قد ترك لنا من الأحاديث الصحيحة القوية الإسناد والخالية من العلل القادحة مل يكفي ويفي بكل شئ

وقال الإمام النووي – رحمة الله -: يجوز عن أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير (صفات الله تعالى، والأحكام، كالحلال والحرام ومما لا تعلق له بالعقائد والأحكام).

وهكذا فإنه لا يجوز الاستدلال بالحديث السابق ذكره في تحريم الذكر على الجنب والحائض أو تحريم قراءة القرآن عليهما.

قال شيخ الإسلام بن تيميه – رحمة الله – في (مجموع الفتاوى 21/ 459):

وأما قراءة الجنب والحائض للقرآن فللعلماء ثلاثة أقوال:

1 - قيل: يجوز لهذا وهذا، وهو مذهب أبي حينفة والمشهور من مذهب الشافعي وأحمد

2 - قيل: لا يجوز للجنب، ويجوز للحائض إما مطلقاً أو إذا خافت النسيان وهو مذهب مالك، وقول في مذهب احمد وغيره، فإن قراءة الحائض للقرآن لم يثبت عن النبي – r– فيه شيء غير الحديث المروى عن إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبه عن نافع عن بن عمر:

" لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن " رواة أبو داود وغيره.

وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث. و روايات إسماعيل بن عياش عن الحجازيين ضعيفة بخلاف رواياته عن الشاميين.

ولم يرو هذا الحديث عن نافع أحد من الثقات

ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله – r – ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن. كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء بل أمر الحيض أن يخرجن يوم العيد، فيكبرن بتكبير المسلمين. وأمر الحائض أن تقضى المناسك كلها إلا الطواف بالبيت: تلبى وهى حائض، وكذلك بمزدلفة ومنى، وغير ذلك من المشاعر.

وأما الجنب، فلم يأمره أن يشهد العيد، ولا يصلى ولا أن يقضى شيئاً من المناسك، لأن الجنب يمكنه أنن يتطهر فلا عذر له في ترك الطهارة، بخلاف الحائض فإن حدثها قائم لا يمكنها مع ذلك التطهر.

ولهذا ذكر العلماء: ليس للجنب أن يقف بعرفة و المزدلفة ومنى حتى يطهر وإن كانت الطهارة ليست شرطاً في ذلك – لكن المقصود أن الشارع أمر الحائض أمر إيجاب أو استحباب بذكر الله ودعاءه مع كراهة (أي عدم التحريم) ذلك للجنب.

فعلم أن الحائض يرخص لها فيما لا يرخص للجنب فيه، لأجل العذر. وإن كانت عدتها أغلظ، فكذلك قراءة القرآن لم ينهها الشارع عن ذلك.

وإن قيل: إنه نهى الجنب، لأن الجنب يمكنه أن يتطهر، ويقرأ بخلاف الحائض، تبقى حائضاً أياماً فيفوتها قراءة القرآن.

- تفويت عباده تحتاج إليها – مع عجزها عن الطهارة – وليست القراءة كالصلاة، فإن الصلاة يشترط لها الطهارة من الحدث الأكبر والأصغر والقراءة تجوز مع الحدث الأصغر بالنص، واتفاق الأئمة. (1. هـ)

وقال بن حزم (المحلى 1/ 77 – 78): مسألة:

- وقراءة القرآن والسجود فيه ومس المصحف وذكر الله – تعالى – جائز كل ذلك بوضوء وبغير وضوء وللجنب وللحائض.

قال الشيخ مصطفي العدوى في كتابه جامع أحكام النساء (الجزء الأول / ص 186):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير