قلت (أبو عبيد العمروني): والخشية ثمرة من ثمار المعرفة والعلم باللَّه الذي أثنى الله على أهله بقوله: {. . . إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِن عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ. . .} (6)، فالخشية رأس الإحسان، وليست لأحد كما ينبغي إلا لمن قدر اللَّه حق قدره، ومن جاء بها فقد جاز القنطرة في العلم، والعبادة معاً.
فالعلم باللَّه وما هو عليه من كبرياء، وعظمة، وجبروت؛ يثمر الخشية، ويولد الخوف، وذلك مدعاة إلى الإحسان في القول، والعمل.
فعلى هذا الإحسان من روافد العلم، كما التقوى، وبالعلم يستزاد من الاثنين معاً، فلا بد لنيلهما من العلم، ولا طريق إلى العلم إلا بهما.
فتعرَّف على اللَّه تكن من المحسنين، وأحسن تكن من العارفين.
وفي الحديث الذي رواه الإمام مسلم رحمه اللَّه: ((إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته)) (7).
وبالجملة فقد اشتمل الإحسان من المعاني على كل جميل، ضمنه اللَّه قوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّه أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} (8).
فالأسوة الحسنة التي لنا في رسول الله هي مقام الإحسان الذي أنزله الله إياه في جميع العبادات؛ فليس فوق الإحسان إمكان ونبينا صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم كما قد عُلم أكمل الخلق في جميع مقامات العبودية، وقد كان خلقه القرآن كما أخبرت بذلك أمنا عائشة رضي اللَّه عنها والقرآن يهدي للتي هي أقوم وقد كان صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: ((يصل الرحم، ويحمل الكل، ويكسب المعدم، ويقري الضيف، ويعين على نوائب الحق)).
ـــــــــــــــــ
(1) سورة يوسف الآية: (22)، والقصص الآية: (14).
(2) البخاري (كتاب الإيمان) (باب سؤال جبريل النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم عن الإيمان والإسلام والإحسان، وعلم الساعة)، ومسلم (كتاب الإيمان) (باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان) (حديث رقم / 1)، وأبو داود (كتاب السنة) (باب في القدر) (حديث رقم/ 4695)، والترمذي (أبواب الإيمان) (باب ما جاء في وصف جبريل للنبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم الإيمان والإسلام) (حديث رقم/ 2610) والنسائي (كتاب الإيمان وشرائعه) (باب نعت الإسلام) (حديث رقم / 4993)، وابن ماجه (كتاب السنة) (باب في الإيمان) (حديث رقم/ 63).
(3) ابن تيمية (رسالة العبودية) (مجموع الفتاوى) (10/ 149).
(4) سورة آل عمران الآية: (143).
(5) ابن رجب الحنبلي (جامع العلوم والحكم) (1/ 126) تحقيق شعيب الأرناؤوط، و إبراهيم باجس.
(6) سورة فاطر الآية: (28).
(7) مسلم (كتاب الصيد والذبائح) (باب الأمر بإحسان الذبح والقتل، وتحديد الشفرة) (حديث رقم 1955)، وأبو داود (كتاب الضحايا) (باب في النهي أن تصبر البهائم والرفق بالذبيحة) (حديث رقم 2814)، والنسائي (كتاب الضحايا) (باب حسن الذبح) (حديث رقم 4417، 4418، 4419)، وابن ماجه (أبواب الذبائح) (باب إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح) (حديث رقم 3170).
(8) سورة الأحزاب الآية: (21).
ضبح العاديات
ـ[المحب الكبير]ــــــــ[11 - 01 - 08, 08:35 م]ـ
نسأل الله من فضله وهدايته
ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[13 - 01 - 08, 06:09 ص]ـ
المحب الكبير .. آمين
الدعاء
ثالثاً: الدعاء: لقوله تعالى: {. . . وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} (1).
وقوله: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِن أَزْوَاجِنَا وَذُرِّياتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} (2).
وقد كان من دعائه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: ((اللهم إني أسألك علماً نافعاً، وأعوذ بك من علم لا ينفع)) (3).
¥