تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا الإمام الجليل ابن تيمية رحمه اللَّه يقول عن نفسه: ((ربما طالعت على الآية الواحدة مائة تفسير) ثم يسأل اللّه قائلاً: ((يا معلم آدم وإبراهيم علمني))، وينطلق إلى المساجد المهجورة حيث لا يراه أحد، يمرغ وجهه في التراب افتقاراً، وانكساراً للَّه سائلاً الفهم، قائلاً: ((يامعلم إبراهيم علمني))؛ فيفتح الله عليه ويهديه لما اختلف فيه، وبذلك بَزَّ الأقران، وساد في الإسلام؛ وأعلى اللَّه كعبه، ورسخ في العلم قدمه.

إنه الدعاء. . فهل عجزت عنه؛ فإن أعجز الخلق من عجز أن يدعو.

قال الشافعي رحمه اللَّه تعالى:

أتهزأ بالدعاء وتزدريه

وما تدري بما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطي ولكن

لها أمد وللأمد انقضاء

فعليك بالدعاء فإنه سهام الليل التي لا تخطي وكن موقناً من الإجابة ترى من ربك كل خير تتمناه، وترجوه، أما قرأت قوله تعالى: {. . . فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ. . .} (4) (؟!).

فما ظنك بالقريب المجيب الذي يدعو عباده إلى دعائه بقوله: {. . . أدْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} (5) (!).

بل ويتوعد أولئك الذين يستكبرون عن دعائه بقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (5).

فأي كرم أعظم من هذا (!) وأي رحمة أوسع من هذه، أن تقاد إلى الخير قوداً؛ وتوعد بالعذاب إن رغبت عنه (!).

فسل ربك العلم: ((. . . . . . . . . وأخلص في السؤال إذا سألتا)).

وأدمن قرع الأبواب ـ ولا تقل: ((طرقت الباب حتى كَلَّ متني)) ـ تتيسر لك الأسباب.

قال محمد بن بشير:

لا تيأسن وإن طالت مطالبة

إذا استعنت بصبر أن ترى فرجا

أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته

ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

وقال الألبيري:

ولازم بابه قرعاً عساه

سيفتح بابه لك إن قرعتا

ـــــــــــــ

(1) سورة طه الآية: (114).

(2) سورة الفرقان الآية: (74).

(3) أخرجه ابن حبان، وصححه (باب الاعتصام بالسنة) (ذكر ما يجب على المرء أن يسأل الله جلا وعلا العلم النافع)، والنسائي في (السنن الكبرى) (كتاب الاستعاذة) (الاستعاذة من علم لا ينفع) والهيثمي في (المجمع) (كتاب الأدعية) (باب الأدعية المأثورة عن رسول الله) من طريق عائشة وقال: (رجاله ثقات) ومن طريق جابر، وقال: (إسناده حسن).

(4) سورة البقرة الآية: (186).

(5) سورة غافر الآية: (60).

ضبح العاديات

ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[17 - 01 - 08, 05:47 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عذرا هناك خطأ في المقالة الأولى: التقوى

((. . . . . . . ووجود المعاصي محابة. . . . .))

الخطأ: محابة.

الصواب: محاباة.

بارك الله فيك

ـ[خليل الفائدة]ــــــــ[17 - 01 - 08, 05:50 ص]ـ

سدَّدك الله.

ـ[هشام الهاشمي]ــــــــ[20 - 01 - 08, 02:27 م]ـ

خليل الفائدة .. أحسن الله إليك

الاجتهاد في الطلب مع الإخلاص فيه

رابعاً: الاجتهاد في الطلب مع الإخلاص فيه: لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (1).

قلت (ابوعبيد): قوله: {جَاهَدُواْ}؛ دل على تحتم المجاهدة دون معالي الأمور، فإنها لا تدرك براحة الجسم، بل ببذل الجهد والكد في الطلب تكتسب، قال تعالى عن موسى في طلبه الخضر رجاء أن يتعلم منه: {لَقَدْ لَقِيْنَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً} (2).

وهو الذي لو شاء الله أن يطلعه على الغيب لفعل، ولكفاه عناء السفر.

قال الشافعي رحمه اللَّه:

بقدر الكد تكتسب المعالي

ومن طلب العلا سهر الليالي

تروم العز ثم تنام ليلاً

يخوض البحر من طلب اللآلي

ومن رام العلا من غير كد

أضاع العمر في طلب المحال

وقوله: {فِيْنَا}؛ دل على تحري الإخلاص، والنصح في المجاهدة، فإذا اجتمع الإخلاص مع المجاهدة؛ كانت الثمرة: {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}.

ثم اعلم؛ حاطك اللَّه أن الاجتهاد في الطلب يستدعي ويتطلب أمرين اثنين، وسببين عظيمين هما: الصبر واليقين، فلا مجاهدة لمن لا صبر ولا يقين له، ومنزلة الصبر واليقين من المجاهدة؛ كمنزلة الرأس من الجسد، وكلما كمل الصبر، وقوي اليقين؛ كلما كانت المجاهدة أعظم.

ــــــــــــــــ

(1) سورة العنكبوت الآية: (69).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير