وأنا أتحدث مع والدي الكريم حفظه الله تعالى وأطال عمره.
عن هذه المسألة وعن هذا الموضوع بالذات، ذكر لي أمرين:
1 - المشقة مرافقة للسفر، وقد نذهب لمنطقة قريبة في بلادنا ولا نطلق على الأمر سفرا لكننا نتزود لهذه الرحلة ونتجهز ونشعر بالمشقة.
2 - في ما مضى كنا نطلق على ذهابنا لمناطق معينة سفرا، أما الآن لا، نقول سنذهب للمنطقة المعينة ولا نقول أننا سنسافر لها.
ـ[السدوسي]ــــــــ[21 - 01 - 08, 09:15 ص]ـ
أخي الفاضل: أبويوسف التواب
ماذكره ابن تيمية رحمة الله تعالى عليه ليس تمثيلا - في نظري المتواضع - وإنما هو ضبط للعرف كي يعتد به من لا يرى الإعتداد بالمسافة وأنت ترى أننا سنتفق لو جعلنا المسافر عرفا من فارق البنيان وضرب في الأرض.
والامام ابن تيمية رحمه الله رحمة واسعة قصد هذا ولعلي اذكر شيئا من كلامه يبين ذلك:
قال في مجموع الفتاوى [جزء 24 - صفحة 131]
وفى صحيح مسلم حدثنا ابن ابى شيبة وابن بشار كلاهما عن غندر عن شعبة عن يحيى بن يزيد الهنائى سألت أنس بن مالك عن قصر الصلاة فقال كان رسول الله إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ شعبة شك صلى ركعتين ولم ير أنس أن يقطع من المسافة الطويلة هذا لأن السائل سأله عن قصر الصلاة وهو سؤال عما يقصر فيه ليس سؤالا عن أول صلاة يقصرها ثم انه لم يقل أحد إن أول صلاة لا يقصرها إلافى ثلاثة أميال أو أكثر من ذلك فليس فى هذا جواب لو كان المراد ذلك ولم يقل ذلك أحد فدل على أن أنسا أراد انه من سافر هذه المسافة قصر ثم ما أخبر به عن النبى صلى الله عليه وسلم فعل من النبى لم يبين هل كان ذلك الخروج هو السفر أو كان ذلك هو الذى قطعه من السفر فإن كان اراد به ان ذلك كان سفره فهو نص وان كان ذلك الذى قطعه من السفر فانس بن مالك استدل بذلك على انه يقصر إليه إذا كان هو السفر يقول انه لا يقصر الا فى السفر فلولا ان قطع هذه المسافة سفر لما قصر ....... إلخ
ثم قال بعد ذلك (وابن حزم يقول السفر هو البروز عن محلة الاقامة لكن قد علم أن النبى خرج إلى البقيع لدفن الموتى وخرج إلى الفضاء للغائط والناس معه فلم يقصروا ولم يفطروا فخرج هذا عن أن يكون سفرا).
ثم قال بعد ذلك:
والمسافر لا بد ان يسفر أى يخرج إلى الصحراء فإن لفظ السفر يدل على ذلك يقال سفرت المرأة عن وجهها إذا كشفته فإذا لم يبرز إلى الصحراء التى ينكشف فيها من بين المساكن لا يكون مسافرا.
وقال أيضا:
فإذا كان ما بين المكانين صحراء لا مساكن فيها يحمل فيها الزاد والمزاد فو مسافر.
وبكل حال أخي الفاضل لا بد من ضبط العرف وإلا فلن يحصل اتفاق.
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[21 - 01 - 08, 09:29 م]ـ
(فإذا كان ما بين المكانين صحراء لا مساكن فيها يحمل فيها الزاد والمزاد فو مسافر)
إناطة رخص السفر بمثل ذلك شاق جداً بارك الله فيكم، ولا يكاد يكون منسجماً متسقاً مع النصوص الشرعية.
والعُرف هنا غير منضبط في نظري؛ لذا ينبغي -في نظري القاصر- اللجوء لقول جمهور الأئمة في المسألة. والله أعلم.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 01 - 08, 08:10 ص]ـ
(فإذا كان ما بين المكانين صحراء لا مساكن فيها يحمل فيها الزاد والمزاد فو مسافر)
إناطة رخص السفر بمثل ذلك شاق جداً بارك الله فيكم.
لم ذاك بارك الله بك؟ أرى أنه أيسر من قول الجمهور
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 01 - 08, 08:25 ص]ـ
وتبقى هنا مسألة وهي من الذي يحدد العرف؟ وكيف؟ مع اختلاف الأعراف وتنوع وتجدد المسائل
فهناك تفاوت كبير في الأفهام، وفي كيفية تنزيل العرف على أسئلة العوام، وإذا كان هذا الإختلاف في فهم العرف عند ابن تيمية حاصل بين العلماء فكيف بصغار طلبة العلم و أنصاف المتعلمين فضلا عن العوام، ففي هذا القول مافيه من الاضطراب وعدم الاطراد
مما يجعلنا أن نقول: إن قول الجمهور أضبط عمليا
والقائلون بالعرف قولهم أقوى نظريا
والله الموفق المسدد.
لو كان العرف مطلقاً لكل زمن، لكان الأمر كما تفضلت وفقك الله. لكن العرف هو عرف العرب المخاطبين بالبيان والذين قد نزل القرآن بلغتهم، فهم الفيصل في معرفة المقصود بالسفر. وانظر مشاركة الشيخ السدوسي، بارك الله بكما.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[23 - 01 - 08, 08:30 ص]ـ
هاهنا لفتة مهمة في نظري وهي: ماالمراد بالعرف عند ابن تيمية رحمه الله؟
الحقيقة أن هذا أشكل عليَّ كثيرا لعلمي بأن العرف لا بد أن يكون أمرا واضحا بينا جليا يتفق عليه العلماء وإلا فليس له قيمة ... وقد ظهر لي من خلال قراءتي لكلام أبي العباس رحمه الله أنه يحدد العرف بحد واضح لا يختلف فيه وهو البروز للصحراء والتزود له
مجموع الفتاوى [جزء 24 - صفحة 15]
ولهذا قال طائفة أخرى من أصحاب أحمد وغيرهم إنه يقصر فى السفر الطويل والقصير لأن النبى لم يوقت للقصر مسافة ولا وقتا وقد قصر خلفه أهل مكة بعرفة ومزدلفة وهذا قول كثير من السلف والخلف وهو أصح الأقوال فى الدليل ولكن لابد ان يكون ذلك مما يعد فى العرف سفرا مثل ان يتزود له ويبرز للصحراء
نقل موفقك أفادنا الله بعلمك، لكن يجب التنبيه هنا إلى ظاهرة محدثة لم تكن في زمان العرب القدامى ولا في زمان ابن تيمية. ذلك أن المدن قد توسعت في بعض البلاد جداً واتصلت ببعضها. فترى المرء ينتقل من مدينة إلى مدينة دون أن يفارق العمران قيد أنملة. بل قد أسير أكثر من مسافة السفر التي جعلها البعض 82كم وأنتقل من مدينة إلى أخرى ومن محافظة إلى أخرى دون أن أفارق العمران. فهذه الحالة تحتاج لاجتهاد. والله أعلم.
¥