3. إذا كانت السيارة سليمة وصالحة للسير، وكان سائقها قد اتخذ الاحتياطات اللازمة لسلامتها، ثم طرأ عليها خلل مفاجئ في احد اجهزتها، فخرجت السيارة عن قدرة السائق فصدمت انسانا، أو انقلبت على احد فمات، أو على شيء فتلف، فلا ضمان حينئذ على السائق.
اما إذا اخل بشرط من هذه الشروط، مثل عدم تعهده السيارة أو قيادتها مع خلل ظاهر في جهاز من اجهزتها، أو قيادتها بسرعة كبيرة، فانه يضمن في كل ذلك.
4. إذا قاد سيارته في الطريق وهو ملتزم بقواعد المرور المعمول بها، فقفز رجل امامه فجأة، ولم يستطع ايقاف السيارة أو التحول عن الطريق، فصدمه بسيارته، فإن هلاكه أو الضرر في مثل هذه الصورة لا ينسب إلى سائق السيارة، ولا يقال: أنه باشر الاتلاف، فلا ضمان على السائق، ويصبح السائق هو المتسبب لهلاك نفسه.
وقد ذهب اصحاب القول الثاني إلى ان السائق إذا لم يكن متعديا في السير، بأن ساق سيارته ملتزما بجميع قواعد المرور، أنه لا يضمن مطلقا؛ لان ما يحدث بعد الالتزام بقواعد المرور حادثة سماوية لا يمكن الاحتراز عنها، والمباشر إنما يضمن فيما يمكن الاحتراز منه، لا فيما لا يمكن الاحتراز منه.
والراجح – في نظري – هو الرأي الاول، القائل بأن السائق يضمن ما اتلفه، ولو لم يكن متعديا، لكونه مباشرا، وذلك حفظ للحقوق، وعليه يكون السائق ضامنا لما اتلفه، ولو التزم باحكام المرور، الا إذا ثبت عدم صحة نسبة المباشرة إليه، والله اعلم.
الاصطدام العمد:
ينقسم الاصطدام العمد إلى قمسين:
القسم الأول: ان يكون الاصطدام قاتلا غالبا:
لقد نص الفقهاء على ان الاصطدام العمد إذا كان يقتل غالبا يأخذ حكم القتل العمد، قال البهوتي: "وان اصطدما أي: الحران، المكلفان، بان صدم كل منهما الآخر عمدا، وذلك الاصطدام يقتل غالبا، فهو عمد، ويلزم كل منهما دية الآخر في ذمته، فيتقاصان، ان كانا متكافئين، بان كانا ذكرين، أو انثيين، مسلمين، أو كتأبيين، أو مجوسيين".
واختلف العلماء في كفارة القتل العمد، فذهب الحنفية، والمالكية، والثوري، وأبو ثور، وابن المنذر، والمشهور في مذهب الحنابلة، إلى انه لا كفارة في قتل العمد، وذهب الشافعي، واحمد في رواية أخرى، انه تجب فيه الكفارة.
القسم الثاني: إلا يكون الاصطدام قاتلا غالبا:
أما إذا لم يكن الاصطدام قاتلا غالبا: وتعمد الاصطدام، فهو شبه عمد، فيه الكفارة في مالهما، والدية على عاقلتهما.
حكم إذا تعمد الاصطدام:
إذا تصادم المكلفان فماتا معا، فلا قصاص؛ لفوات محله، وان مات احدهما، فحكم القود يجري بينهما.
حكم القتل بالاصطدام الخطأ:
الاصطدام الخطأ لا يوصف بتحريم ولا إباحة، لانه كفعل المجنون، والبهيمة، لكن النفس الذاهبة به معصومة محرمة محترمة، فلذلك وجبت الكفارة فيها، وقال بعض العلماء: الخطأ محرم، ولا إثم فيه، وهناك اتجاه ثالث: بانه ليس بمحرم، لان المحرم ما آثم فاعله، وهذا لا إثم فيه.
وإذا ترتب على الاصطدام الخطأ موت الصادم، فهو هدر؛ لانه الفاعل، وان ترتب عليه موت المصدوم، ففيه الكفارة، قال تعالى "وما كان لمؤمن ان يقتل مؤمنا إلا خطا ومن قتل مؤمنا خطا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا ان يصدقوا".
وكفارة القتل عتق رقبة مؤمنة، سواء أكان القاتل أو المقتول مسلما أم كافرا، فان لم يجدها – كما هو الحال اليوم – فصيام شهرين متتابعين، توبة من الله، وهذا ثابت بالنص، فان لم يتابع الصوم، بان افطر عمدا، ابتدأه من جديد، وأما لو افطر نسيانا، أو لمرض، أو لحيض، فلا يبتدئه، ولكن يجب عليه ان يواصل صومه بعد زوال المرض أو الحيض، فان لم يستطع، فقد اختلف العلماء على قولين:
الأول: يثبت الصيام في ذمته، ولا يجب شيء آخر، لان الله لم يذكره، ولو وجب لذكره، والثاني: يجب إطعام ستين مسكينا، لانها كفارة عتق وصيام شهرين متتابعين، فكان فيها إطعام ستين مسكينا عند عدمها، ككفارة الظهار، والفطر في رمضان وان لم يكن مذكورا في نص القران، فقد ذكر ذلك في نظيره، فيقاس عليه، فان عجز عن الإطعام ثبت ذمته حتى يقدر عليه. .
¥