عن أبي سعيد الخدري- رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إياكم والجلوس في الطرقات، قالوا: يا رسول الله، ما لنا بد من مجالسنا، نتحدث فيها، قال: فإذا أبيتم، فأعطوا الطريق حقه، قالوا: وما حقه: قال غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر"
رابعا: كف الأذى:
على قائد السيارة ان يحذر من إيذاء المسلمين، سواء بصدور فعل أو قول مؤذ لهم.
وقد بين النبي – صلى الله عليه وسلم – بان المؤمن الحق لا تصدر منه هذه الأقوال السيئة، فعن عبدا لله بن مسعود – رضي الله عنه – مرفوعا:
"ليس المؤمن بطعان، ولا لعان، ولا فاحش، ولا بذيء".
قال ابن قدامة المقدسي عن آفات اللسان: "وآفاته كثيرة متنوعة، ولها في القلب حلاوة، ولها باعث من الطبع، ولا نجاة من خطرها إلا بالصمت".
فعلى قائد السيارة ان يكف لسانه عن الناس، ولو وقع منهم ما يؤذيه، ويحتسب ذلك عند الله تعالى.
خامسا: الصبر على الأذى، وعدم الغضب:
لقد جبل الله الانفس على التألم بما يفعل بها، أو يقال لها، ولا يخلو السائق أثناء قيادته من تعرضه للإيذاء من قبل الآخرين، ولكن عليه ان يتحلى بالصبر في مواجهة هذه المؤذيات، فيتحمل الأذى ابتغاء للأجر عند الله عز وجل.
والصبر في هذا الموضع يقصد به: حبس النفس عن المجازاة على الأذى قولا وفعلا.
قال تعالى: "انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".
وعن ابن عمري – رضي الله عنه – يرفعه:
"المؤمن الذي يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم".
وقد قيل: الصبر على الأذى جهاد النفس.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:
"ليس الشديد بالصرعة، انما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".
فعلى قائد السيارة ان يتحلى بالصبر، فيصبر على ما يلاقيه من أذى الناس، محتسبا الأجر عند الله تعالى.
وان الغضب ان لم يكن لله – عز وجل – فانه يجمع الشر كله، وله آثاره المدمرة، فانه يغيب العقل، ويخرج صاحبه عن الاعتدال، ويؤدي إلى التسرع، فيدفعه إلى التحطيم، والتخريب، وسفك الدماء.
وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – ان رجلا قال للنبي – صلى الله عليه وسلم-:أوصني: قال: لا تغضب، فردد مرارا، قال، "لا تغضب"
وقال جعفر بن محمد: الغضب مفتاح كل شر.
وقيل لابن المبارك: اجمع لنا الخلق في كلمة، قال: ترك الغضب
وحقيقة الغضب هي: غليان دم القلب لطلب الانتقام.
فعلى قائد السيارة ان يحذر من الغضب، ويتجنبه، حتى لا يقع فيما لا تحمد عقباه.
سادسا: الدفع بالتي هي أحسن:
فإذا كان من أدب قيادة السيارة ان يصبر السائق على الأذى، فان دفعه بالتي هي أحسن، ابلغ في حسن الخلق، ومن ذلك:
أ- العفو: فعلى قائد السيارة ان يعفو عمن اخطأ عليه، قال تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين"
ب- الرفق:
قال الله تعالى: "ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم"
ومعنى الرفق: لين الجانب بالقول والفعل، والأخذ بالأسهل، وهو ضد العنف، فيبدأ السائق غيره بالخير، والكلام اللطيف.
وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم-: "من حرم الرفق، يحرم الخير كله" وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: "ان الله يحب الرفق في الأمر كله".وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأشج عبد القيس: "ان فيك خصلتين يحبهما الله ورسوله، الحلم والاناة".
سابعا: ان يحب لغيره ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه:
ان من أهداف الشريعة الإسلامية تحقيق الوحدة والتماسك بين المؤمنين، قال الله تعالى: انما المؤمنون أخوة"
وقد شبه الله تعالى المؤمنين في تماسكهم، كالجسد الواحد، فعن النعمان ابن بشير – رضي الله عنهما – قال: قال رسوم الله – صلى الله عليه وسلم -: " مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم، مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر، والحمى".
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
فمحبة الخير لكل مسلم واجب شرعي، واثر ذلك في قيادته ان يحب لإخوانه في الطريق ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه.
ثامنا: ان يقرا السلام على من يعرف ومن لا يعرف:
¥