( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn20)، والغشُّ لا يكون إلا كذلك.
• قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه -: ((المؤمن غِرٌّ كريم، والفاجر خِبٌّ لئيم)) [21] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn21)، قال الشيخ عبدالمحسن العبَّاد: "معنى قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمن غر))؛ أي: إنَّه لا يُشغِل نفسَه بتتبُّع الأمور التي يكون فيها مضرَّة، أو الأمور التي ليست حسنةً فيُشغِل نفسه بها، وقوله: ((كريم))؛ لأن كرمه هو الذي يدفعه إلى أنَّه لا يُشغِل نفسه بمثل هذه الأمور، بعكس الفاجر فإنه خَبٌّ أو خِبٌّ؛ بمعنى: أنه يُقدِم على أشياء فيها فساد وفيها مضرَّة" [22] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn22).
ووجه الاستِدلال بهذا الحديث على ظاهرة الغشِّ: أن الغش كما تبيَّن لنا من وسائل الإفساد في المجتمع، وهذا يستلزم الإضرارَ بالمجتمع المسلم، ولا شكَّ أنَّ الشريعة جاءت بتَحصِيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها.
• قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حديث أبي هريرة - رضِي الله عنه -: ((إذا ضُيِّعت الأمانة فانتَظِر الساعة))، قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: ((إذا أُسنِد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)) [23] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn23)، وجه ارتِباط الحديث بموضوع الدِّراسة من وجهته الدلاليَّة أن الحديث دالٌّ على أنَّ إسناد الأمر إلى غير أهله يُعتَبَر تضييعًا للأمانة؛ لذلك فهو ألصَق من هذه الجهة بالقائمين على العمليَّة التربويَّة والتعليميَّة، والمراد بالأمر - كما قال ابن حجر - جنس الأمور التي تتعلَّق بالدين؛ كالخِلافة والإمارة والقَضاء والإفتاء وغيرها [24] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn24)، ويدخُل فيها كلُّ ما يُقِيم مصالح الناس في دنياهم بلا شكٍّ؛ لأنَّ تحقيق مصالح الناس في مَعاشِهم من مَقاصِد الشرع؛ لهذا فإنَّ إسناد الأمر إلى غير أهله يخلُّ بهذا المقصد؛ لأن فيه تعطيلاً لمصالح الناس وخروجًا بها عن القصد، كون القائم على الأمر ليس كفؤًا له، وهذا يُفضِي بطبيعة الحال إلى فَساد وظلم عظيم وفوضى كبيرة، ومن قواعد الشرع العُليَا: درء المفاسد مُقدَّم على جلب المصالح، ولا شكَّ أنَّ قِيام الفاسد أو غيرِ الكفؤ على الأمر يُعتَبَر من الإفساد في الأرض؛ قال - تعالى -: ? وَلاَ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ? [الأعراف: 56].
ثانيًا: أنواع الغش:
من خِلال استِقراء الأدلَّة التي تقدَّمت معنا، فإنَّ هناك عِدَّة أنواعٍ من الغشِّ يُمكِن بيانها في الآتي:
• الغشُّ في البيوع وغيرها من المعامَلات، وهو الذي دلالته فيما مضى، وقد أشار إليه المُناويُّ بقوله: "ما يُخلَط من الرَّديء بالجيِّد" [25] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn25)، وأشار إليه ابن حجر الهيتمي بقوله: "الغشُّ: أن يعلم ذو السلعة من نحو بائع أو مشترٍ فيها شيئًا لو اطَّلَع عليه مريدُ أخذِها ما أخذَهَا بذلك المقابل" [26] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn26).
• الغش في النصيحة، وقد دلَّ على هذا ما احتَمَله اللفظ من معنى لغوي، ومن ذلك عدم تمحُّض النصيحة، بالإضافة إلى دلالات النصوص من حيث تضييع الأمانة، والخيانة، ونقض العهد، وكلُّ ذلك يَتنافَى - ولا شك - مع مُقتَضَى النصيحة، الذي يَعكِس حرص المؤمن على أعراض الناس ومصالحهم، واستِقرار المجتمع المسلم.
• الغش للرعيَّة، وقد صرَّح به الذهبي في الكبيرة الثالثة عشرة، واستدلَّ له بعِدَّة أحاديث [27] ( http://www.alukah.net/Sharia/0/22709/#_ftn27)، ومنها الحديث المتقدم معنا، وفيه يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((ما من عبدٍ يستَرعِيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيَّته إلا حرَّم الله عليه الجنة)).
• الغشُّ في أداء الأمانة، وقد دلَّ عليه قوله - تعالى -: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ? [الأنفال: 27].
• الغشُّ في الاختِبارات والامتِحانات، وهو محلُّ البحث وسنخصِّص له المطلب الثالث.
المطلب الثالث: تحقيق المناط في ظاهرة الغش في التعليم:
¥