قال الموجبون: قد قال قاسم بن أصبغ في كتابه: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي, حدثنا سليمان بن حرب, حدثنا شعبة, عن حبيب بن أبي ثابت, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, أن النبي, قال: «من سمع النداء فلم يجب, فلا صلاة له إلا من عذر». وحسبك بهذا الإسناد صحة! [سنن ا لبيهقي3/ 57] , ورواه ابن المنذر, [في الأوسط, برقم:1850]: حدثنا علي بن عبد العزيز, حدثنا عمرو بن عوف, حدثنا هشيم, عن شعبة, عن عدي بن ثابت, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, مرفوعا. [راجع: صحيح ابن حبان, رقم:2064].
قالوا: و (معارك العبدي) قد روى عنه أبو إسحاق السَّبِيعِي على جلالته, ولو قدر أنه لم يصح رفعه, فقد صح عن ابن عباس بلا شك, وهو قول صاحب لم يخالفه صاحب!
الدليل السابع: ما رواه مسلم في صحيحه [رقم:654] , عن عبد الله بن مسعود, قال: «من سره أن يلقى الله غدا مسلما, فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادي بهن؛ فإنهن من سنن الهدى, وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى, وإنكم لو صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته؛ لتركتم سنة نبيكم, ولو أنكم تركتم سنة نبيكم؛ لضللتم, وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور, ثم يَعْمَدُ إلى مسجدٍ من هذه المساجد؛ إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة, ويرفعه بها درجة, ويحط عنه بها سيئة, ولقد رأيتُنَا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق! ولقد كان الرجل يؤتى يهادي بين الرجلين حتى يقام في الصف».
وفي لفظ: وقال: «إن رسول الله علمنا سنن الهدى, وإن من سنن الهدى: الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه».
فوجه الدلالة: أنه جعل التخلف عن الجماعة من علامات المنافقين المعلوم نفاقهم, وعلامات النفاق لا تكون بترك مستحب, ولا بفعل مكروه, ومن استقرأ علامات النفاق في السنة؛ وجدها إما ترك فريضة, أو فعل محرم, وقد أكد هذا المعنى بقوله: «من سره أن يلقى الله غدا مسلما, فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن» , وسمى تاركها المصلي في بيته: متخلفا تاركا للسنة, التي هي: طريقة رسول الله التي كان عليها, وشريعته التي شرعها لأمته, وليس المراد بها السنة التي من شاء فعلها ومن شاء تركها؛ فإن تركها لا يكون ضلالا, ولا من علامات النفاق, كترك الضحى, وقيام الليل, وصوم الأثنين والخميس.
الدليل الثامن: ما رواه مسلم في صحيحه [رقم:672] , من حديث أبي سعيد الخدري, قال: قال رسول الله: «إذا كانوا ثلاثة؛ فليؤمهم أحدهم, وأحقهم بالإمامة أقرؤهم».
ووجه الاستدلال به: أنه أَمَر بالجماعة, وأَمْرُه على الوجوب.
الدليل التاسع: أنه أمر من صلى وحده خلف الصف أن يعيد الصلاة, رواه الإمام أحمد [المسند3/ 228] , وأهل السنن, [أبو داود, رقم:682, والترمذي, رقم:230, 231, وابن ماجه, رقم:1004] , وأبو حاتم ابن حبان في صحيحه, [رقم1198, 1199] , وحسنه الترمذي.
وعن علي بن شيبان, قال: خرجنا حتى قدمنا على النبي, فبايعناه, وصلينا خلفه. قال: ثم صلينا وراءه صلاة أخرى, فقضى الصلاة فرأى رجلاً فرداً خلف الصف, فوقف عليه حتى انصرف, وقال: «استقبل صلاتك؛ لا صلاة للذي خلف الصف» , رواه الإمام أحمد [المسند4/ 23] , وابن حبان [رقم:2202].
وفي رواية الإمام أحمد: صليت خلف النبي, فرأى رجلاً يصلي فرداً خلف الصف, فوقف نبي الله على الرجل حتى انصرف, فقال له: «استقبل صلاتك؛ فلا صلاة لمنفرد خلف الصف» , قال ابن المنذر [في "الأوسط", ح:1966]: «و [قد] ثَبَّتَ هذا الحديثَ أحمدُ وإسحاقُ».
فوجه الدلالة: أنه أبطل صلاة المنفرد عن الصف, وهو في جماعة! وأمره بإعادة صلاته, مع أنه لم ينفرد إلا في المكان خاصة, فصلاة المنفرد عن الجماعة والمكان أولى بالبطلان.
يوضحه: أن غاية هذا الفَذِّ أن يكون منفرداً, ولو صحت صلاة المنفرد لما حكم رسول الله بنفيها, فأمر من صلى كذلك أن يعيد صلاته.
¥