ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[21 - 06 - 10, 02:33 ص]ـ
الدليل الحادي عشر: ما رواه في صحيحة [رقم:655] , من حديث أبي الشعثاء المحاربي, قال: كنا قعوداً في المسجد فأذن المؤذن, فقام رجلٌ من المسجد يمشي فأتبعه أبو هريرة بصرَه, حتى خرج من المسجد, فقال أبو هريرة: «أما هذا؛ فقد عصى أبا القاسم e».
وفي رواية: سمعت أبا هريرة, وقد رأى رجلا يجتاز في المسجد خارجا بعد الأذان, فقال: «أما هذا؛ فقد عصى أبا القاسم».
ووجه الاستدلال به: أنه جعله عاصيا لرسول الله بخروجه بعد الأذان؛ لتركه الصلاة جماعة. ومن يقول الجماعة ندب, يقول: لا يعصي الله ولا رسوله من خرج بعد الأذان وصلى وحده.وقد احتج ابن المنذر في كتابه على وجوب الجماعة بهذا الحديث, وقال [في "الأوسط", ح:1849]: «ولو كان المرء مخيرا في ترك الجماعة, أو إتيانها لم يجز أن يعصي من تخلف عما لا يجب عليه أن يحضره» , والذي يقول صلاة الجماعة ندب إن شاء فعلها وإن شاء تركها يُجَوِّزُ للرَّجُلِ أن يخرج من المسجد وقد أخذ المؤذن في إقامة الصلاة, بل يجوز له أن يجلس فلا يصلي مع الإمام والجماعة, فإذا صلوا قام فصلى وحده, ولو رأى رسول الله وأصحابه من يفعل هذا لأنكروا عليه غاية الإنكار, بل قد أنكر ما هو دون هذا وهو على من لا يصلي مع الجماعة اكتفاء بصلاته في رحله, وقال: «ما لك لا تصلي معنا؟ ألست برجل مسلم؟!» [مسند أحمد4/ 34, والنسائي, رقم:857].
وأَمْرُهُ بالصلاة في الجماعة لمن صلى, ثم أتى مسجد الجماعة, فقال: «إذا صليتما في رحالكما, ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم؛ فإنها لكما نافلة» [الترمذي, رقم:219, والنسائي, رقم:858, ومسند أحمد4/ 160].
الدليل الثاني عشر: إجماع الصحابة رضي الله عنهم, ونحن نذكر نصوصهم.
قد تقدم قول ابن مسعود: «ولقد رأيْتُنَا؛ وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق» [مسلم, رقم:654].
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, حدثنا سليمان بن المغيرة, عن أبي موسى الهلالي, عن ابن مسعود, قال: «من سمع المنادي فلم يجب من غير عذر؛ فلا صلاة له» [المحلى4/ 195].
وقال أحمد أيضا: حدثنا وكيع, حدثنا مِسْعَر, عن أبي الحصين, عن أبي بردة, عن أبي موسى الأشعري, قال: «من سمع المنادي فلم يجب بغير عذر؛ فلا صلاة له» [المحلى:2/ 42, ومستدرك الحاكم1/ 246]
وقال أحمد: حدثنا وكيع, عن سفيان, عن أبي حيان التيمي, عن أبيه, عن علي -رضي الله عنه-, قال: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» , قيل: ومن جار المسجد؟ قال: «من سمع المنادي» [سنن البيهقي3/ 57, 174].
وقال سعيد بن منصور: حدثنا هُشَيم, أخبرنا منصور, عن الحسن بن علي, قال: «من سمع النداء فلم يأته=لم تجاوز صلاته رأسه؛ إلا من عذر».
وقال عبدالرزاق [1/ 498]: عن أنس, عن أبي إسحاق, عن الحارث, عن علي, قال: «من سمع النداء من جيران المسجد وهو صحيح من غير عذر؛ فلا صلاة له».
وقال وكيع: عن عبد الرحمن بن حصين, عن أبي نُجَيْح المكيّ, عن أبي هريرة, قال: «أن تمتليء أذنا ابن آدم رصاصا مذابا؛ خير له من أن يسمع المنادي, ثم لا يجيبه» [المحلى4/ 195].
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع, عن سفيان, عن منصور, عن عدي بن ثابت, عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-, قالت: «من سمع المنادي فلم يجب عن غير عذر؛ لم يجد خيرا, ولم يُرَدْ به» [سنن البيهقي3/ 57].
قال وكيع: حدثنا شعبة, عن عدي بن ثابت, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس, قال: «من سمع النداء ثم لم يجب من غير عذر؛ فلا صلاة له» [صحيح ابن حبان, رقم:2064].
وقال عبدالرزاق [5/ 245]: عن ليث, عن مجاهد, قال: سأل رجل ابن عباس, فقال: رجل يصوم النهار, ويقوم الليل, لا يشهد جُمُعَةً ولا جماعة, فقال ابن عباس: «هو في النار» , ثم جاء الغد, فسأله عن ذلك, فقال: «هو في النار» , قال: واختلف إليه قريباً من شهر يسأله عن ذلك, ويقول ابن عباس: «هو في النار».
فهذه نصوص الصحابة كما تراها صحة وشهرة وانتشاراً, ولم يجيء عن صحابي واحدٍ خلافُ ذلك, وكلٌّ من هذه الآثار دليلٌ مستقل في المسألة لو كان وحده, فكيف إذا تعاضدت, وتضافرت؟! وبالله التوفيق.
ـ[أبوالليث الشيراني]ــــــــ[21 - 06 - 10, 02:34 ص]ـ
فصلٌ في: هل الجماعة شرط في صحة الصلاة؟ أم. لا؟
وأما المسالة السابعة, وهي: هل الجماعة شرط في صحة الصلاة؟ أم. لا؟
فاختلف الموجبون لها في ذلك على قولين:
¥