تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

= ثم إنه يدعى أن علم الإسناد قد تم (اختراعه) فى القرن الثانى الهجرى، وقد كذب واللهِ فى دعواه تلك، ذلك أن الإسناد موجود فى أمة الإسلام منذ اليوم الأول لنشأتها، فكيف كان الصحابة يتناقلون القرآن بعضهم عن بعض أليس عن طريق سماعهم من بعضهم البعض، ذلك أن كل الصحابة لم يكونوا جميعاً مرافقين للنبى صلى الله عليه وسلم فى كل لحظاته وسكناته. وكيف تم جمع القرآن؟ أليس بروايات الصحابة عن النبى صلى الله عليه وسلم أى بإسناد أيضاً ولكن براوٍ واحد فى الغالب الأعم.

بداية نشأة علم الحديث الأُولى

أما فى علم الحديث فقد نشأ الإسناد فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم وقبل وفاته وذلك أن أصحاب النبى (المهاجرون والأنصار) كانوا يشتغلون فى أموالهم، وكان منهم من يصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانوا يتناوبون مرافقته ثم يحدث كل منهم الآخر بما حدث وبما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وعن هذا يقول سيدنا أبو هريرة رضى الله عنه كما فى الصحيحين: إِنَّكُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُكْثِرُ الْحَدِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهُ الْمَوْعِدُ كُنْتُ رَجُلًا مِسْكِينًا أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مِلْءِ بَطْنِي وَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ يَشْغَلُهُمْ الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ يَشْغَلُهُمْ الْقِيَامُ عَلَى أَمْوَالِهِمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ يَبْسُطْ ثَوْبَهُ فَلَنْ يَنْسَى شَيْئًا سَمِعَهُ مِنِّي " فَبَسَطْتُ ثَوْبِي حَتَّى قَضَى حَدِيثَهُ ثُمَّ ضَمَمْتُهُ إِلَيَّ فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا سَمِعْتُهُ مِنْهُ.

ويوضح هذا أكثر ما رواه عمر بن الخطاب كما فى الصحيحين قال: إِنِّي كُنْتُ وَجَارٌ لِي مِنْ الْأَنْصَارِ فِي بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ زَيْدٍ وَهِيَ مِنْ عَوَالِي الْمَدِينَةِ وَكُنَّا نَتَنَاوَبُ النُّزُولَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْزِلُ يَوْمًا وَأَنْزِلُ يَوْمًا فَإِذَا نَزَلْتُ جِئْتُهُ مِنْ خَبَرِ ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ وَإِذَا نَزَلَ فَعَلَ مِثْلَهُ .... "

ألا يعنى هذا نشأة الإسناد فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم!؟

أما نشأة علم الإسناد بالمعنى الاصطلاحى المعروف فنستطيع أن نؤرخ له بعام 40 هجرية (لماذا؟).

اقرأ ما قاله الإمام مسلم فى مقدمة صحيحه: " حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنْ الْإِسْنَادِ فَلَمَّا وَقَعَتْ الْفِتْنَةُ قَالُوا سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ ".

فهذا محمد بن سيرين من أئمة التابعين توفى 110هجرية ويحدث عن عدد كبير من الصحابة ويصف حالهم فى الرواية عندما وقعت الفتنة، ومتى وقعت الفتنة فى عام 40هجرية وربما قبل هذا، ويقصد بالفتنة، فتنة مقتل سيدنا عثمان وظهور الخوارج ومقتل سيدنا على وقد انتهى كل هذا حتى عام 40هجرية.

فأين هذا من دعواه وكذبه بأن علم الإسناد (أُخترع) فى القرن الثانى الهجرى!؟

ثم يقول صبحى:

(ان البخارى مثلا عاش فى القرن الثالث الهجرى ومات سنة 256 هـ.اى بينه وبين النبى عليه السلام قرنان ونصف قرن من الزمان. واذا اعتبرنا الجيل اربعين عاما فان بينه وبين البخارى ستة اجيال. (لاحظ ان بينناوبين عصر محمد على اربعة اجيال فقط).فكيف يستقيم فى المنهج العلمى أن تتداول ستة اجيال كلمة ما منسوبة للنبى عبر الروايات الشفهية حتى يأتى من يسجلها بعد النبى بمائتين وخمسين عاما؟)

قلت: وهذا تلبيس جديد وتدليس على العامة وتعمية لهم عن الحق والصواب. ذلك أنه يدعى أن السنة قد كُتبت بعد قرنين ونصف من الزمان، وأنها كانت مجرد روايات شفوية.

وللرد على هذه الشبهة الواهية فإنى أرد عليه بطريقتين:

الأولى: بنفس منطقه وأسلوبه فى إيراد الشبهة.

الثانية: بمنهج العرض التاريخى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير