تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بل إن الأمن أُس الكليات الخمس التي جاء الشرع للمحافظة عليها (الدين , والنفس, والعرض, والعقل , والمال) ,فإذا غاب الأمن هدمت هذا الدعائم ركناً ركناً, فلا قيامة لشعائر الدين بلا أمن, ولا حرمة للنفس بفقدانه, ولا عرض مصان بدونه, ولا عقل مهاب بغيابه_ فكل يفعل ما يمليه عليه الهوى بلا عقل_ والمال مسلوب منتهب مغتصب, وبإرساء قواعد الأمن في أي مجتمع يكون الحفاظ على هذه الكليات الخمس , فتقام منائر شعائر الأديان, ويُستأمن على النفوس, ويتكاثر الولد بنظام الفطرة الرباني, وتحفظ العقول, وتضبط الأموال.

وفي مقصد الكفاية من جميع حاجات الجسد الفطرية, والمتطلبات الأساسية لأي كائن حي , المأكل , والمشرب, والمأوى, والرزق الذي يكفي حاجته الملحّة التي تقتضيها مسمى الحياة ,فلا يمكن تصور فرد أو حتى البهيمية بدونها إلا تصوراً متهالكاً, ضعيفاً , خائر القوى , شريداً في متاهات الطرق, أو ميتاً رميماً، فلا مجتمع تتوفر فيه أقل كفايات الحياة, ولا صانعاً , ولا منتجاً, فكيف له أن ينشر خشباً, أو يلين حديداً, أو يبني جداراً وهو لا يستطيع أن يقيم صلبه, أو يتقي بجسده حر المصيف, وبرد الشتاء.

وبالتالي يستحيل قيام حضارة إنسانية أو فكرية في مجتمع تنقصه أساسيات الحياة, فكلٌ يطارد لقمة عيشه, فهو فاراً هارباً لمطاردة رزقة, فكيف ينتج أو يصنع, أويبني حضارة إنسانية, فغياب موارد الرزق الأساسية للفرد والجماعة تقويض لمفهوم الحياة, وهدم لبنيان الخلافة في الأرض, و تطهير إنساني للوجود في الحياة, وإقصاء للفرد عن ساحات الفكر والنهضة, والرقي؛لإنشغاله بكسب المال, وطلب الرزق في كهوف الجبال, أو في قيعان البحار, أو في أشواكِ الطرقات.

وإذا نظرنا من الجانب المقاصدي للكفاية نجد أنه حاضراً حضوراً كلياً في الكليات الخمس_ سابقة الذكر_ فنجده في النفس من حيث المحافظة عليها من جانب الوجود, وفي المال إذ هو مورد أساسي لكثر من حاجات النفس الجسدية, وفي العرض والنسل من حيث الأمر بقيام أسرة فطرية تنشأ في ظل أبوين حياة كريمة , ولا يكون هذا إلا بتوفير حد الكفاف إن لم يكن الكفاية في كيان هذا الأسر التي في مجموعها تألف المجتمع بأي صفة كان.

وباستقراء جزئي لبعض نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية, نجد فيه اقترانا وجيهاً, وإردافا متكاملاً لمقصدي الأمن والكفاية في الطرح, والأمر, والنهي, والحث, والامتنان نورد بعضها:

1_ٹ ٹ چ ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ چالنحل: 112.

وهنا عقوبة بعد امتنان, وهدم بعد تشييد, فيُظهر الله منته على عبادة بقوله چ ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? چ.فقرن بين الأمن, والكفاية في الرزق؛بل من كمال فضله على أهل هذه القرية زيادة على الأمن تفضّل عليهم بالطمأنينة وهي: الاستقرار النفسي من الداخل , فكانوا في آمن من عدو خارجي, واستقرار نفسي داخلي, ثم بيّن أن رزقها يأيتها ليس كفافاً أو كفاية؛بل يأتيها رغداً كثيراً هنيئاً متنوعاً من كل مكان, فقد بلغ أهل القرية غاية الأرب, ومنتهى الطلب في مقصدي الأمن والكفاية ,فلما كفرت بتلك النعم حُرمتْ من الكأس الذي به كان الامتنان, فتبدل الأمن خوفاً, والرزق جوعاً.

وفي هذه الآية دلالة صريحة على أن أعظم المنة على النفس توفير الآمن وكفاية العيش.

2_ٹ ٹ چ ? ? ? ? ? ? ? ? چقريش: 4 ووردت هذه الآية في معرض المنة على كفار قريش في جاهليتهم فكانوا أعز العرب منعة وأكثر هم مهابة, وتجلب لها الأرزاق والأنعام من حيث شاءوا.

3_ٹ ٹ چ ? ? ? ? ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ? ? ? ? چالبقرة: 155

فقرن في عقوبة الابتلاء بين الخوف والجوع؛ فبفقدهما تكون أعظم المصائب, وأجل الخطوب.

4_ٹ ٹ چ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ? ? ? ? ? ? ? ? ? چالقصص: 57.

فقرن في الامتنان على كفار قريش بين الأمن والرزق, وهذا التلازم بين هذين المقصدين يقتضى الوقوف عنده كثيراً.

5_ ٹ ٹ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چالبقرة: 126

وهنا عندما طلب إبراهيم _عليه السلام _ من ربه الحياة الكريمة لمن سيؤول إليه سكن مكة طلب أعز موجود, وأعظم مفقود وهما الأمن والرزق, وهذا دلالة على أنهما ركيزتين للحياة الإنسانية الكريمة.

6_ ٹ ٹ چ ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چالأنفال: 26.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير