تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي هذه الآية الكريمة يُذكّر الله_سبحانه وتعالى_ أصحاب نبيه محمد _صلى الله عليه وسلم_ بأعظم منَّتين امتن الله بهما عليهم وهما: الأمن بعد الخوف, والرزق بعد شظف العيش.

4_ قال رسول الله_صلى الله عليه وسلم_: (من أصبح منكم آمناً في سربه , معافى في بدنه, عنده قوت يومه ,فكأنما حيزت له الدنيا) رواه البخاري في الأدب المفرد, والترمذي وابن ماجه, وقال عنه الترمذي:" حسن غريب" وحسنه الألباني.

وهذا الحديث أصل في هذا الباب, فقد ذكر فيه الدعائم الأساسية في حياة الفرد, وهي تنطبق تباعاً على المجتمعات والتكتلات بكل مفرداتها وهي الأسس هي: الأمن, والعافية, والقوت (الرزق) , وهنا نلحظ المقصدين الجليلين الذين هما محور الحديث في هذا المقال (الأمن, والكفاية في (الرزق) , فمن جوامع الخير, وحقوق الآدمية للفرد والجماعة أن يوفر لهم الأمن بكل أنواعه, والرزق بصنوف حاجاته و علائقه.

وفي أبواب الفقه ومراعاتها لهذين المقصدين في أحكامه, وتشريعاته ما يعجز القلم عن جمعه في هذه الوريقات, ويكلُّ الحرف عن الإحاطة بجوانبه, ونذكر منها تمثيلاً, لا استقصاءً ما يلي:

1_ شُرعت الهجرة من بلد الخوف إلى بلد الأمن , وكانت هذه أول هجرة في الإسلام_ الهجرة إلى الحبشة_ فإذا ضاقت البلاد بأهلها, واستعصى العيش بأمن في ربوعها لهم في مفازة الأرض خلاصُ.

كما هاجر كثير من الأوائل والمعاصرين من بلد إلى بلد طلباً للرزق, ولشح الأرض التي يقطونونها بموارد الحياة الأساسية, فكان في هذه الهجرة والنقلة سعة في الرزق والمال. ٹ ٹ چ ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ? ?? ? چالنساء: 100.

2_ وشرعت أعظم العقوبات والحدود في الإسلام, كما شُرعت الحقوق والواجبات حفاظاً على مقصدي الأمن والكفاية , فشرع القصاص في النفس ودونها, وحد الحرابة, لأم الناس على أنفسهم, وشرع حد الزنا والقذف لأمن الناس على أعراضهم, وشرع حد السرقة؛ليأمن الناس على أموالهم, وكل هذا يصب في الحفاظ على الكليات الخمس.

وشرعت حقوق النفقة على الولد والزوجة وغيرهما, والإمتلاك, والبيع والشراء, وتقسيم الحقوق في الميراث, والهبة والعطية والزكاة والصدقة حفاظاً على حد الكفاية في الرزق والسكن وأبجديات الحياة الكريمة.

3_ شُرعت الرخص حالتي الخوف والجوع الشديد, فشرعت صلاة الخوف, ورخّص بالنطق بكلمة الكفر فيه, والشريعة مليئة بالأحكام الخاصة بحالات الخوف في جميع أبواب الفقه, كرخصة ترك الماء إذا خيف بسببه الهلاك, أو خاف عدواً, وفي وقوع طلاقه, ورجعته, وأبيح له ارتكاب المحظور إذا خاف على نفسه وولده, كما في حالة المرضع والنفساء, فجاءت الشريعة مراعاة لحالات قلة الأمن في الحال والأحوال المحيطة.

كما أنه في حالة الجوع الشديد يباح له أكل الميتة , وشرب الخمر إذا خاف الهلاك, ويمنع من القضاء فيها؛لاضطراب حال النفس فيه وغيرها مما هو مبسوط في موضعه من كلام الفقهاء.

فاختلال الأمن يفسد المعيشة ويجلب الجوع ويفني الرزق, فمقصد الأمن به يكون الحفاظ على حاجات النفس الإنسانية الأساسية_حد الكفاية_ وفي هذا يقول الصحابي الملك, و السياسي المحنّك, وداهية العرب:" إياكم والفتنة؛ فلا تهمّوا بها،فإنها تفسد المعيشة, وتكدّر النعمة, وتورث استئصال نهضة المجتمع" , وبالنظر البديهي لحال الشعوب الخائفة تلك التي مزّقتها الحروب, وقطعتهم أسباطاً أمما كيف حال الفقر بها؟! إنه قد أقام بها رايته, وبسط فيها نفوذه ,فهم في فقر مدقع, وعيش مخزي, و جوع ملازم_ أجارنا الله من هذا الحال_.

وحتى يكون هناك مثال حي لأمة عاشت في كفاية وأمن ,أو أرست دعائمه الأولى, فجاءت القرون بعده تنهل من معين هذا الأمن, وتلك النعم, وتجني ثمرات كان غراسها خير غراس, فأنبتت جنات وحب الحصيد, تلك الفترة النبوية الكريمة التي أقيمت بها أركان, وأعمدة الأمن , وكفاية الرزق ولنلخص تلك الفترة النبوية المحمدية في نقاط كما يلي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير