تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذه المسائل ولا سيما بعد طرو الجدل والخصومات والأهواء في الأمة صار يكتنفها كنظائرها كثير من الغموض والشبه، لا تنجلي عن العبد إلا بهداية الله تعالى وتوفيقه، ومن أعظم وسائل ذلك: استهداؤه والافتقار إليه وهذا ما أكثر الشيخ رحمه الله تعالى الوصاة به في هذه القاعدة كما هو دأبه في كثير من كلامه.

ـ[احمد محمد علي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 02:38 م]ـ

هل ممكن ان يشرح لي احد ببساطة ما هو القدم النوعي للعالم لاني لم افهم لحد الان ماهو القدم النوعي

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[17 - 07 - 08, 02:56 م]ـ

قال الشيخ العلامة محمد بن أمان الجامي:

[أهل السنة والجماعة يقولون بتسلسل الحوادث في الماضي من حيث الإمكان، لا من حيث الوقوع فهذا ممتنع، فإنّ الله تعالى هو الأول الذي ليس قبله شيء سبحانه وتعالى، وهذا محل إجماع أهل القبلة من حيث الوقوع إلا الفلاسفة القائلين بقدم العالم كالأفلاك والعقل والنفس، وقد صرح شيخ الإسلام في " منهاج السنة" ج1ص81 بأن هذا الكلام باطل، والمتهمون له بقدم العالم أحد رجلين: إما لجهله بما قاله شيخ الإسلام، أو لسوء قصده، وإلا فشيخ الإسلام يصرح بأن القائلين بأن العالم قديم كالأفلاك والنفس والعقل كلامهم باطل بصريح العقل].

قال ابن أبي العز في شرحه:

[فالحاصل أن نوع الحوادث هل يمكن دوامها في المستقبل والماضي أم لا؟ أو في المستقبل فقط؟ أو الماضي فقط؟

فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَعْرُوفَةٍ لِأَهْلِ النَّظَرِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، (1) أَضْعَفُهَا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ، لَا يُمْكِنُ دَوَامُهَا لَا فِي الْمَاضِي وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ، كَقَوْلِ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ وَأَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ. وَثَانِيهَا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي، كَقَوْلِ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَغَيْرِهِمْ. وَالثَّالِثُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ، كَمَا يَقُولُهُ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ، وهِيَ مِنَ الْمَسَائِلِ الْكِبَارِ. وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ يُمْكِنُ دَوَامُهَا فِي الْمَاضِي دُونَ الْمُسْتَقْبَلِ.

(أ) وَلَا شَكَّ أَنَّ جُمْهُورَ الْعَالَمِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ يَقُولُونَ: إِنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ -تَعَالَى - مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَهَذَا قَوْلُ الرُّسُلِ وَأَتْبَاعِهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ. وَمِنَ الْمَعْلُومِ بِالْفِطْرَةِ أَنَّ كَوْنَ الْمَفْعُولِ مُقَارِنًا لِفَاعِلِهِ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ مَعَهُ - مُمْتَنِعٌ مُحَالٌ، وَلَمَّا كَانَ تَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (2) لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ هُوَ الْآخِرَ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، فَكَذَا تَسَلْسُلُ (3) الْحَوَادِثِ فِي الْمَاضِي لَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْأَوَّلَ الَّذِي لَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ. فَإِنَّ الرَّبَّ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَتَكَلَّمُ إِذَا يَشَاءُ، قَالَ تَعَالَى: {قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ}. وَقَالَ تَعَالَى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} {فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ}. وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا}] اهـ.

قال العلامة الجامي في شرحه على الشرح:

(1) نقول: هذا قول ضعيف إذا كان المراد: لا يمكن دوامها أي الحوادث من حيث الإمكان في الماضي، ولا في المستقبل من حيث الإمكان والوقوع معا، فلو أنهم قالوا: لا يمكن دوامها في الماضي من حيث الوقوع لصار كلامهم موافقا لأهل السنة، أما في المستقبل فقد أخطأت هذه الطوائف بمنع هذه الحوادث من الدوام وقوعا (فعلا)، حيث دوامها إنما هو لإدامة الله عزوجل لها، ولا إشكال في هذا، ولا يتنافى مع قول صلى الله عليه وسلم: ((الآخر الذي بعده شيء))، لأن هذا ليس دواما ذاتيا، بل دوام من الله عزوجل، أدامهم الله عزوجل حكمة منه سبحانه، لأن هذا الدوام ليس دواما ذاتيا.

(2) إن أراد الشيخ أن التسلسل في المستقبل، وبقاء المخلوقات هذه، إن أراد أنه بقاء ذاتي لهذه المخلوقات، وأما إن أراد أن الله عزوجل يبقيها، فهي دائمة باقية في المستقبل لإدامة الله عزوجل لها، فهذه عقيدة أهل السنة والجماعة.

(3) هذه الجملة فيها إشكال لأنها تتنافى مع الجملة التي سبقتها في (أ)، فهذا يخرج على وجهين:

الوجه الأول: أن يقال: هذا مسلّمٌ من حيث الإمكان لا من حيث الوقوع.

الوجه الثاني: التسلسل في الماضي بشرط أن يكون لذلك المفعول بداية، وهذا فيه تكلف فالوجه الأول أحسن.

انتهى من تعليقات الشيخ على شرح العلامة ابن أبي العز الحنفي على الطحاوية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير