ففاعل ذلك متشبه بالنبي صلى الله عليه و سلم في الصورة، ومتشبه باليهود و النصارى في القصد، الذي هو عمل القلب، وهذا هو الأصل، فإن المتابعة في السنة ابلغ من المتابعة في صورة العمل)) [10].
وجاء عمر رضي الله عنه أيضا انه بلغه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه و سلم فأمر بها فقطعت [11].
وقد كره مالك و غيره من علماء المدينة إتباع آثار النبي صلى الله عليه و سلم، قال ابن وضاح القرطبي في ((كتاب البدع)) (ص91): ((وكان مالك بن أنس و غيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد و تلك الآثار للنبي صلى الله عليه و سلم ما عدا قباء و أحدا)).
الوجه الرابع: التبرك عبادة و العبادات توقيفية، ولم يرد دليل صحيح صريح في التبرك بآثار الأنبياء عليهم السلام، ولا غيرهم، فيجب الإتباع وعدم الابتداع.
الوجه الخامس: أن التبرك بآثار الأنبياء و الصالحين ذريعة للشرك و الفتنة، فسد هذا الباب أمر مطلوب شرعا، ولهذا قطع عمر رضي الله عنه الشجرة التي كانت تحتها البيعة، ونهى عن تعمد الصلاة في المكنة التي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ينزل بها في سفره [12].
والخلاصة أنه لا يجوز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه و سلم ولا غيره من النبياء و الصالحين، والله أعلم [13].
ــــــ
حاشية [4]:وفي هذا الكتاب من الجهل و الظلم ما الله به عليم.
حاشية [5]:أي الشجرة التي وردت في حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((إذا كنت بين الأخشبين من منى فإن هناك واديا يقال له السرر به (شجرة) سُرّ تحتها سبعين نبيا)) أورده الشيخ الميلي في (ص150) وذكر أن الزرقاني استدل به على التبرك بمواضع النبيين، وقد تبين محقق الكتاب الشيخ محمود-جزاه الله خيرا-ضعف هذا الحديث.
حاشية [6]:وهذا لا يكفي؛ لان الطاعة تكون مشروعة في مكان دون مكان، وزمان دون زمان، و الأصل في ذلك هو اتباع الرسول صلى الله عليه و سلم.
حاشية [7]:كيف يكون التبرك مشروعا ثم لا يدعو غيره إليه!!
حاشية [8]:من كانت له معرفة بدينه كان أشد احتياطا في تجنب وسائل الشرك، كما يبق بيانه في الوجه الرابع في مسألة التوسل بالنبي صلى الله عليه و سلم.
حاشية [9]:أخرجه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (7550)، و إسناده صحيح، كما قاله ابن تيمية في ((مجموع الفتاوى)) (1/ 281).
حاشية [10]: ((مجموع الفتاوى)) (1/ 281).
حاشية [11]:أخرجه ابن سعد في ((الطبقات)) (2/ 100) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (7545) وقال ابن حجر: في ((الفتح)) (7/ 448): ((إسناده صحيح)).
حاشية [12]:أنظر: ((إغاثة اللهفان)) (1/ 368).
حاشية [13]:أنظر: ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/ 70 - 757) فإن فيه تفصيل القول في هذه المسألة.
ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[08 - 05 - 08, 06:22 م]ـ
ـ الموطن الرابع:
قال الشيخ الميلي رحمه الله في (ص108): وقسم أبو البقاء الحنفي في ((كلياته)) الشرك إلى ستة أقسام؛ فقال: ((و الشرك أنواع: شرك الاستقلال: وهو إثبات شريكين مستقلين؛ كشرك المجوس، وشرك التبعيض: وهو تركيب الإله من آلهة؛ كشرك النصارى، وشرك التقريب: وهو عبادة غير الله ليقرب إلى الله زلفى؛ كشرك متقدمي الجاهلية، وشرك التقليد: وهو عبادة الله تبعا للغير؛ كشرك متأخري الجاهلية، وشرك الأسباب: وهو إسناد التأثير للأسباب العادية؛ كشرك الفلاسفة و الطبائعيين ومن تبعهم على ذلك، وشرك الأغراض؛ وهو العمل لغير الله، فحكم الأربعة الأول الكفر بإجماع، وحكم الخامس التفصيل، فمن قال في الأسباب العادية: إنها تؤثر بطبعها؛ فقد حكي الإجماع على كفره، ومن قال: إنها تؤثر بقوة أودعها الله فيها، فهو فاسق)) انتهى كلام أبي البقاء.
علّق عليه الشيخ الميلي بقوله: ((وهذه الأقسام متفاوتة قوة وضعفا، ولكنها متحدة في الحكم عليها بالكفر، إذا استثنينا أحد وجهي النوع الخامس، أما السادس، فقد أخرجه أيضا أبو البقاء، وحقه التفصيل كالذي قبله، فإن العمل لغير الله: نفاق أو رياء، و الأول كفر اتفاقا، والثاني معصية من غير كفر إجماعا، ولكن ما خرج من هذه الوجوه عن حكم الكفر فإنه ذريعة إليه، ولهذا تناوله لفظ الشرك كبقية الأقسام)) انتهى.
أقول و بالله التوفيق:
¥