تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا عرف أن مسمى أصول الدين في عرف الناطقين بهذا الاسم فيه إجمال وإبهام لما فيه من الاشتراك بحسب الأوضاع والاصطلاحات تبين أن الذي هو عند الله ورسوله وعباده المؤمنين أصول الدين فهو موروث عن الرسول" درء التعارض (1/ 41).

الأمر الرابع: تقريره للضابط الصحيح لكل من أصول الدين وفروعه , ومن ذلك قوله:" وأصل هذا ما قد ذكرته في غير هذا الموضع أن المسائل الخبرية قد تكون بمنزلة المسائل العملية وإن سميت تلك مسائل أصول وهذه مسائل فروع , فان هذه تسمية محدثة قسمها طائفة من الفقهاء والمتكلمين , وهو على المتكلمين والأصوليين أغلب لاسيما إذا تكلموا في مسائل التصويب والتخطئة.

وأما جمهور الفقهاء المحققين والصوفية فعندهم أن الأعمال أهم وآكد من مسائل الأقوال المتنازع فيها. .... بل الحق أن الجليل من كل واحد من الصنفين مسائل أصول والدقيق مسائل فروع" الفتاوى (6/ 56). ووجه الدلالة من هذا النص هو أنه بين أن إطلاق أصول الدين على المسائل الخبرية فقط أو المسائل الاعتقادية فقط إطلاق خاطئ لم يكن معروفا عند المتقدمين , ثم بين أن أصول الدين أوسع مما ذكر أولئك المتكلمون , وهذا يدل على أن الإشكال عنده فيما حدد به ذلك التقسيم لا في أصل التقسيم.

المسألة الثانية

كلامه الذي فُهم منه أنه ينكر أصل التقسيم

ثمة أقول لابن تيمية فَهِم منها بعض الناظرين في كلامه أنه ممن ينكر تقسيم الدين إلى أصول وفروع , وأن هذا التقسيم تقسيم مبتدع غير صحيح , وقد استندوا في نسبة هذا القول إلى ابن تيمية إلى عدة أقول له أهمها ثلاثة أقوال , هي:

1 - قوله:" ولم يفرق أحد من السلف والأئمة بين أصول وفروع , بل جعل الدين قسمين أصولا وفروعا لم يكن معروفا في الصحابة والتابعين .... , ولكن هذا التفريق ظهر من جهة المعتزلة " الفتاوى (13/ 125).

2 - ومن ذلك قوله:" فمن كان من المؤمنين مجتهدا في طلب الحق وأخطأ فإن الله يغفر له خطأه كائنا ما كان , سواء كان في المسائل النظرية أو العملية , هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجماهير أئمة الإسلام.

وما قسموا المسائل إلى مسائل أصول يكفر بإنكارها ومسائل فروع لا يكفر بإنكارها.

فأما التفريق بين نوع وتسميته مسائل الأصول وبين نوع آخر وتسميته مسائل الفروع , فهذا الفرق ليس له أصل لا عن الصحابة ولا عن التابعين لهم بإحسان , ولا أئمة الإسلام , وإنما هو مأخوذ عن المعتزلة وأمثالهم من أهل البدع , وعنهم تلقاه من ذكره من الفقهاء في كتبهم , وهو تفريق متناقض , فانه يقال لمن فرق بين النوعين: ما حد مسائل الأصول التي يكفر المخطئ فيها؟ , وما الفاصل بينها وبين مسائل الفروع؟ , فان قال: مسائل الأصول هي مسائل الاعتقاد ومسائل الفروع هي مسائل العمل , قيل له: فتنازع الناس في محمد هل رأى ربه أم لا, وفى أن عثمان أفضل من على أم على أفضل , وفى كثير من معاني القرآن وتصحيح بعض الأحاديث هي من المسائل الاعتقادية والعلمية ولا كفر فيها بالاتفاق ...... " الفتاوى (23/ 346).

3 - ومن ذلك قوله:" وأصل هذا ما قد ذكرته في غير هذا الموضع أن المسائل الخبرية قد تكون بمنزلة المسائل العملية وإن سميت تلك مسائل أصول وهذه مسائل فروع , فان هذه تسمية محدثة قسمها طائفة من الفقهاء والمتكلمين , وهو على المتكلمين والأصوليين أغلب لاسيما إذا تكلموا في مسائل التصويب والتخطئة ... " الفتاوى (6/ 56).

ولكن هذه الأقوال لا يصح الاعتماد عليها في نسبة القول بإنكار تقسيم الدين إلى أصول وفروع إلى ابن تيمية , وذلك لعدة أمور , هي:

الأمر الأول: أن نسبة إنكار تقسيم الدين إلى أصول وفروع إليه فيها مصادرة لكلامه الذي فيه الإقرار بصحة التقسيم , والذي هو في بعضه يقارب درجة الصراحة.

الأمر الثاني: أن منهج ابن تيمية في التعامل مع المصطلحات الحادثة يأبى أن يكون موقفه هو الإنكار لانقسام الدين إلى أصول وفروع , وبيان ذلك: أن تقسيم الدين إلى أصول وفروع يعتبر اصطلاحا من المصطلحات , وباستقراء تعامل ابن تيمية مع المصطلحات الحادثة يظهر أنه يفرق بين نوعين منها , هما:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير