تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الحق آل أحمد]ــــــــ[12 - 02 - 10, 11:58 ص]ـ

الأخ الكريم"موسى الكاظم" وفقني الله و إياك لمرضاته - قولي: (إذن قول القائل عن صفة (الاستواء) و غيرها: " بأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد" قول باطل لما انقدح في ذهن قائله من التشبيه وهو غير مراد) له مقام و بساط حال قام عليه الكلام وهو ما سبق و أن كتبته في المقال عن الشيخ ابن باديس-رحمه الله تعالى-و الظاهر المراد من نصوص الصفات و الأسماء عنده، فإذا دققت و تدبرت كلامي و خاصة الوجه الرابع من المقال، تبين لك المقصود من كلامي، وأن ما ظهر لي من ترجيح هو الصواب، ولا بأس من زيادة بيان ذلك بإختصار الأدلة و القرائن على ترجيح ما ظهر لي، فيما يلي:

1 - تأويل ابن باديس لصفة الإعراض و صفة الحياء، كما في ص (68) من (مجالس التذكير من كلام البشير النذير):"فاستحيا الله منه: ترك عقابه ولم يحرمه من ثواب، أعرض: التفت إلى جهة أخرى فذهب إليها. فأعرض الله عنه: حرمه من الثواب ".اهـ

2 - تأويله لصفة الرحمة، كما في صفحة (231) من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) قوله: "رحيما: دائم الإفاضة للنعم".اهـ

و في صفحة (159) قوله: "يرجون رحمته: ينتظرون انعاماته لافتقارهم إليه".اهـ.وفي صفحة (364) قوله: "الرحيم: المنعم الدائم الانعام و الاحسان".اهـ وغيرها ..

3 - نفيه صفة الصورة، كما في صفحة (64) من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) حيث قال: "الاعتراف بوجود خالق الكون يكاد يكون غريزة مركوزة في الفطرة و يكاد لا تكون لمنكريه - عنادا- نسبة عددية بين البشر. ولكن أكثر المعترفين بوجوده قد نسبوا إليه ما لا يجوز عليه ولا يليق بجلاله من الصاحبة و الولد و المادة و الصورة و الحلول و الشريك في التصرف في الكون و الشريك في التوجه و الضراعة إليه والسؤال منه و الإتكال عليه".اهـ

4 - نفيه لـ"المادة" كما في المصدر السابق؛ ومعلوم منهج السلف في مثل هذه المصطلحات و أن إطلاق لفظ " المادة " على الله - جل وعلا -، إثباتا، أو نفيا، ليس من عبارات السلف الصالح المقتدى بهم في باب أسماء الله سبحانه و تعالى و صفاته، قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى -: " وأما ما لا يوجد عن الله، و رسوله، إثباته، و نفيه، مثل: الجوهر، والجسم، والجهة، وغير ذلك، لا يثبتونه، ولا ينفونه، فمن نفاه فهو عند أحمد و السلف مبتدع، ومن أثبته فهو عندهم مبتدع، و الواجب عندهم: السكوت عن هذا النوع، إقتداء بالنبي- صلى الله عليه و سلم- و أصحابه".اهـ. (الدرر السنية في الأجوبة النجدية).

5 - تأويله لصفة الكتابة، كما في صفحة (206) من (مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير) قوله:" الزبور: بمعنى المزبور أي المكتوب و المراد به جنس ما أنزله الله من الوحي على رسله - صلوات الله عليهم- و أمر بكتابته ".اهـ. قوله: "و أمر بكتابته" فيه نوع إيهام بأن الله –جل وعلا- لا يكتب بيده كتابة تليق بجلال عظمته و سلطانه، وهي صفةٌ فعليَّةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة، فهو سبحانه يكتب ما شاء متى شاء، كما يليق بعظيم شأنه، لا ككتابة المخلوقين، والتي تليق بصغر شأنهم. ويفهم من كلامه التأويل لصفة الكتابة بدليل أن الشيخ ابن باديس عمَّمَ في قوله السَّابق معنى الزبور وبأنه جنس ما أنزل الله من الوحي على رسله عليهم الصلاة و السلام و أمر بكتابته .. والحقيقة أن هناك كتب لبعض الرسل خطها الله عز وجل بيده الشرفية، فالتوراة لموسى- عليه الصلاة والسلام- كتبها بيده – جل وعلا - والدليل قول النبي - صلى الله عليه و سلم-: احْتَجَّ آدَمُ وَمُوسَى فَقَالَ لَهُ مُوسَى يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُونَا خَيَّبْتَنَا وَأَخْرَجْتَنَا مِنْ الْجَنَّةِ قَالَ لَهُ آدَمُ يَا مُوسَى اصْطَفَاكَ اللَّهُ بِكَلَامِهِ وَخَطَّ لَكَ بِيَدِهِ أَتَلُومُنِي عَلَى أَمْرٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ عَلَيَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَنِي بِأَرْبَعِينَ سَنَةً فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى فَحَجَّ آدَمُ مُوسَى ثَلَاثًا. [رواه البخاري و مسلم].

6 - تأويله لصفة المحبة و الود، صفحة (200) كما في (مجال التذكير من كلام الحكيم الخبير) قال: "أما هذا الود الذي وعد الله به الذين آمنوا و عملوا الصالحات فسببه جعل من الله في قلوب العباد لهم دون تودد منهم ولا توقف على تلك السباب فيودهم من لم يكن بينه و بينهم علاقة نسب أو صداقة ولا وصل إليه منهم معروف فهذا نوع من الود خاص يكرمهم الله به و ينعم عليهم به .. إلى أن قال: .. وأي ود هو، ود من جعل الرحمن".اهـ، وقال صفحة (307) كما في المصدر السابق: "يحب التوابين و يحب المتطهرين و يحسن لقاءهم و يجزل ثوابهم".اهـ.

و إقراره - وهو رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين – للشيخ مبارك الميلي-رحمه الله تعالى - عندما أول صفة المحبة كما في كتابه (الشرك و مظاهره) صفحة (178) قال: " وقوله تعالى: ((إن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين)) أي يثيبهم وينعم عليهم".اهـ.

7 - عدم نقده لأشعريات القاضي ابن العربي – رحمه الله تعالى- في كتابه (العواصم من القواصم)؛ فقد أشرف الشيخ ابن باديس على طبعه و التعليق عليه، وقد حوى فصولا فيها تحامل على عقيدة أهل السنة ورميهم بالتشبيه لأنهم يثبتون الصفات على ظاهرها دون تحريف، ومنها صفة الاستواء لله –جل وعلا -، فقال القاضي ابن العربي طاعنا فيهم: " .. وهذه الطائفة الآخذة بالظاهر في العقائد هي في طرف التشبيه .. ".اهـ، وقال: " .. ثم جاءت طائفة ركبت عليه فقالت أنه فوق العرش بذاته".اهـ. كل هذا وغيره من الكلام المخالف أقره ابن باديس ولم يعلق عليه ردا ونقضا كما فعل مع القاضي ابن العربي في مسألة قتل الحسين –وغيرها-. ولم يفعل مثل ما فعل الشيخ محب الدين الخطيب – رحمه الله تعالى – حينما أشرف على طبع كتاب القاضي ابن العربي و نزع القسم الذي فيه طعن في أهل السنة و عقيدتهم، فعلاما يدل هذا؟!

وسيأتي مزيد إن شاء الله رب العبيد ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير