تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا عرف أن الحديث الذي فيه (رأيت ربي أو أتاني ربي في أحسن صورة، وقال فيمايختصم الملأ الأعلى، وفيه: فوضع يده بين كتفي) إنما كان بالمدينة وكان في المناموهو حديث ثابت: ظهر خطأ طائفتين:

- طائفة تعتقد أنه كان في اليقظة ليلةالمعراج، وتجعله من الصفات التي تقررها أو تحرفها.

- وطائفة تنكر الحديث وترده، لأنها تنكر رؤية الله في المنام وهم طائفة من الجهمية.

14 - رؤية اللهفي المنام جائزة بلا نزاع بين أهل الإثبات وإنما أنكرها طائفة من الجهمية وكأنهمجعلوا ذلك باطلا وإلا فما يمكنهم إنكار وقوع ذلك.

15 - قال شيخ الإسلام:

الإنسان قد يرى ربه في المنام ويخاطبه، فهذا حق في الرؤيا ولا يجوز أن يعتقد أنالله في نفسه مثل ما رأى في المنام فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكونمماثلا ولكن لا بد أن تكون الصورة التي رأوه فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربهفإن كان إيمانه واعتقاده حقا أُتى من الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك، وإلا كانبالعكس - إلى قوله - وهذه مسألة معروفة، وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم فيأصول الدين - والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام وحكوا عن طائفة من المعتزلةوغيرهم إنكار رؤية الله فهذا مما يقوله المتجهمة، وهو باطل مخالف لما اتفق عليه سلفالأمة وأئمتها، بل ولما اتفق عليه عامة عقلاء بني آدم وليس في رؤية الله في المنامنقص ولا عيب يتعلق به سبحانه وتعالى وإنما ذلك بحسب حال الرائي، وصحة إيمانه وفسادهواستقامة حاله وانحرافه وقول من يقول - ما خطر بالبال أو دار في الخيال فاللهبخلافه ونحو ذلك - إذا حمل على مثل هذا - كان محملا صحيحًا فلا نعتقد أن ما تخيلهالإنسان في منامه أو يقظته من الصور أن الله في نفسه مثل ذلك، فإنه ليس هو في نفسهمثل ذلك بل نفس الجن والملائكة لا يتصورها الإنسان ويتخيلها على حقيقتها، بل هي علىخلاف ما يتخيله ويتصوره في منامه ويقظته، وإن كان ما رآه مناسبا مشابها لها فاللهتعالى أجل وأعظم.

16 - تأويل الرازي لحديث: (رأيت ربي في أحسن صورةوفيه، فقال فيم يختصم الملأ الأعلى وفيه فوضع يده بين كتفي فوجدت برد أنامله بينثديي) قال الرازي قوله: رأيت ربي في أحسن صورة يحتمل أن يكون من صفات الرائي وهوالرسول، وفيه وجهان، ويحتمل أن يكون من صفات المرئي وهو الله تعالى وفيه وجوه.

وقوله: (فوضع يده بين كتفي) فيه وجهان، وقوله: (بين كتفي) فإن صح فالمرادمنه كذا، وقد روى (بين كنفي) بالنون، وقوله: (فوجدتُ بردها) يحتمل كذا ويحتملكذا وقوله: (فوجدت برد أنامله) تأويله كذا ..... الخ.

وهذه التأويلات ناقشهاالمؤلف وردها وأبطلها بوجوه متعددة تراجع في رد المؤلف عليها.

17 - أنكرأحمد على من نفى أحاديث رؤية الله في الدنيا مطلقًا؛ لأن من الجهمية طوائف يقولون: (إن الله لا يجوز أن يرى بالأبصار ولا بالقلوب أصلا، وطوائف يقولون: إنه لا يجوزأن يرى في المنام أيضًا، وهؤلاء يجحدون كل ما فيه إثبات أن محمدًا رأى ربه سواء كانبفؤاده أو في منامه أو غير ذلك، وهؤلاء جهمية ضلال باتفاق أهل السنة، ولهذا كانأحمد ينكر على هؤلاء لردهم ما في ذلك من الأخبار التي تلقاها العلماء بالقبول.

وإذا كانوا يمنعون أن محمدًا رأى ربه بفؤاده أو في منامه فهم لرؤية غيره أجحدوأجحد، وقد ذكر العلماء من أصحابنا وغيرهم ذلك عن طوائف من الجهمية حتى إن المعتزلةمن يقول يجوز أن يرى بالقلوب بمعنى العلم ومنهم من ينكر ذلك كما نقل ذلك الأشعري فيالمقالات فقال: اجتمعت المعتزلة على أن الله لا يرى بالأبصار، واختلفت هل يرىبالقلوب فقال أبو الهذيل وأكثر المعتزلة نرى الله بقلوبنا بمعنى أنا نعلمه بقلوبنا، وأنكر هشام الفوطي وعباد بن سليمان ذلك.

وهؤلاء النفاة يسمون مثبتة الرؤيةمجسمة ويجمعون في نقل مقالات المثبتة بين الحق والباطل كما نقل الأشعري عنهم مانقله من كتب المعتزلة فقال: واختلفوا في رؤية الله بالأبصار فقال قائلون: يجوز أنيرى الله بالأبصار في الدنيا، ولسنا ننكر أن يكون بعض من تلقاه في الطرقات وأجازعليه بعضهم الحلول في الأجسام، وأصحاب الحلول إذا رأوا إنسانا يستحسنونه لم يدروالعل إلههم فيه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير